سورية: قوى النفوذ تناقش فترة انتقالية مفتوحة وإدارة الملف لعامين مقبلين

جراءة نيوز - اخبار الاردن -

يبدو مفزعا لخصوم نظام الرئيس السوري بشار الاسد، وضع دمشق ماذا لو آلت أمورها إلى تنظيم داعش، وهو ما تستثمره دمشق وحلفاؤها باحترافية عالية، في مسعى لبلوغ حل تقدر مصادر دبلوماسية غربية، انه قد يتخذ صفة الفترة الانتقالية المفتوحة تشارك في حكومتها، المعارضة الممزقة، على أن يجري الحد "قليلا" من صلاحيات الرئيس.
لكن محللين يرون أن "لقاء الدوحة الخليجي الاميركي الروسي أول من أمس، لم يكن من أجل حل الأزمة، بقدر ما هو اتفاق على إدارتها خلال العامين المقبلين، من خلال تفاهم روسي ـ أميركي وخليجي تركي ـ إيراني".
وتبعا لخشية خصوم دمشق من سؤال "ماذا بعد سقوط العاصمة بيد داعش"، يلفت مراقبون الى شبه اتفاق تجري بلورته للتهدئة الميدانية، وهو قيد التنفيذ. 
ويرى محللون ان هناك إجماعا إقليميا ودوليا على ان الاولوية القصوى في سورية هي مواجهة تنظيم داعشن لافتين إلى ان هناك توقفا عن استخدام "رحيل النظام" وإن استمر الحديث عن فقدانه للشرعية، التي تعد تعبيرا فضفاضا في المعادلة القائمة. 
واذ يجري تمزيق سورية بفعل التدخل الدولي والاقليمي، يلاحظ محللون، أن هناك مخططا أميركيا تركيا لايجاد دويلة تديرها الدولتان، بشرطة مدنية إسلاموية "معتدلة" لتحل محل داعش.
"هذه الدويلة" يقول المحللون انها "ستشمل 1.5 مليون لاجئ سوري في تركيا. إضافة إلى الطامعين في الجنة، من السوريين النازحين داخل سورية وخارجها".
ولفتوا إلى ان "منطق الجغرافيا السياسية، يفترض رسم حدود وحجم الجيب التركي الذي يعتمد النجاح في انشائه على قدرة انقرة على تقويض الجيبين الكردي والداعشي، باحتلالهما. أو باختصارهما على الأقل طولا وحجما، بالقصف الجوي والبري الجاري حاليا عبر الحدود". 
ويعتقد المحللون أن "تركيا ستتحدى الحظر الأميركي. لأنها مضطرة للتدخل بجيشها للسيطرة الأمنية داخل الجيب، ولمنع الطيران السوري من قصفه. ولردع الأكراد والتنظيمات الدينية من دخوله".
ويرجع المحللون اسباب الاندفاعة التركية الى ايجاد جيب تابع الى "خطأ الأكراد في تجاوز الخط التركي الأحمر. فبحجة مطاردة «داعش»، عبر الأكراد نهر الفرات، للتمدد غربا باتجاه المدن الحدودية، كجرابلس. الباب. منبج، وصولا إلى أعزاز. وتل رفعت. ونبّل التي تحتلها «داعش». وتنظيمات دينية أخرى". أمّا الخطأ الثاني للأكراد، فيرى المحللون أنه "تمثل في طرد المدنيين العرب والتركمان، من شريط حدودي كاد يصل إلى 400 كيلومتر، أي نصف طول الحدود التركية- السورية.
وهكذا، يعتبر المحللون "أن هناك خططا لانشاء جيب تركي، بعمق مائة كيلومتر، وعرض 50 كيلومترا، مما يعني دولة حجمها نصف حجم لبنان، وإقصاء الأكراد وداعش عن الفرات العابر للحدود، وربما الاضطرار لاحتلال حلب، لجعلها عاصمة للدولة الجيب الذي سيخلو من القوات السورية والتنظيمات الدينية التي تناوبت كلها على تدميرها. مع ترك إدلب في الشمال والغرب، لمرحلة تركية ثالثة".
وحسب المحللين فان "تمدد الجيب التركي عمقا وعرضا، سوف يرضي أعوان الأتراك. كما يرضي سكان حلب من المدنيين السوريين (خمسة ملايين). فقد يؤمن لهم الأمن. والإعمار. لكن انتفاخ هذا البالون  قد يوقظ الأطماع التركية الهاجعة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما طالبت تركيا بضم حلب والموصل، الأمر الذي لم يتحقق، بسبب هزيمتها آنذاك في الحرب".
ويرى المحللون ان "سورية الآن على المشرحة الدولية والإقليمية، فالصراع ليس لتوحيدها. وإنما للإمعان في تمزيقها. بعدما أفقدتها المعارضتان السياسية والمسلحة هويتها العربية. وسيادتها القومية". 
وحسب المحللين فانه باستثناء "داعش"، فان "هناك أكثر من مائتي تنظيم ديني مسلح في سورية، يؤكد الوضع البائس في المناطق التي تسيطر عليها، أنها تمارس القمع وترفض القيم الإنسانية والإسلامية في التعامل مع الناس. وهي تفبرك أسماء وألقابا دينية لها ولزعمائها. وتطلق لحاها، للحصول على التمويل والتسليح".
واعتبر المحللون أنّ "الصراع الإقليمي والدولي على سورية ألغى الحل الدولي، لإعادتها دولة موحدة، بحيث يبدو الحديث عن جهود المبعوث الأممي دي مستورا، في هذا المجال، نوعا من إضاعة الوقت"، إذ ان "سورية اليوم جيوب متناحرة: جيب تركي. آخر كردي. ثالث داعشي. رابع إيراني- علوي. وحديث عن جيوب أخرى..
واللافت، كما يرى محللون آخرون أن "الأطراف الدولية التي التقت في الدوحة، تتعامل مع الجهات التمثيلية السورية، سواء المعارضة منها أو النظام كطرف يُعطى إخطاراً فقط، لتنفيذ ما سيتم التوصل إليه بين هذه الجهات".
وقالوا ان "اللقاء لم يكن من أجل حل الأزمة، بقدر ما هو اتفاق على إدارتها خلال العامين المقبلين، من خلال تفاهم روسي ـ أميركي وخليجي تركي ـ إيراني".
واوضح هؤلاء "أنّ أيّاً من الأطراف الدولية لم يتواصل مع ممثلي المعارضة السورية "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، وإنما هناك طروحات غربية لسيناريوهات المرحلة المقبلة، وتسويق لسيناريو إدارة سورية عبر مناطق نفوذ تحددها خطوط الاشتباك بين النظام والمعارضة، مع الاتفاق على ما يشبه الهدنة بين الطرفين والتركيز على محاربة تنظيم داعش من كل الأطراف".
مصادر في المعارضة السوري الخارجية، توضح أن "سبب تغليب هذا الخيار يعود إلى تشظي البلد والانقسام الحاصل بين مكوناته، فيما يبدو أن عقد مؤتمر جنيف 3 مرهون بتحقيق تفاهمات بين الدول الفاعلة، وبتطورات الوضع الميداني".
ورجّح المحللون أن يعقب لقاءات الدوحة حضور أميركي أكبر في الملف السوري، بعدما كان شبه غائب، خصوصاً بعد التفاهم التركي الأميركي، على إقامة تركية لمنطقة خالية من "داعش" شمال سورية.
كما يرجحون أن يزداد حضور الدور الروسي على حساب دور إيران التي من المفترض أن تسعى لإثبات حسن نواياها تجاه الغرب بما يخص ملفات المنطقة. 
وغداة الاجتماع الخليجي الاميركي الروسي في الدوحة اول من أمس، بحث المبعوث الروسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، امس، مع مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، في طهران، تفاصيل المبادرة الإيرانية المتعلقة بالأزمة السورية، والتي قدمت في وقت سابق للأمم المتحدة.
وكشف عبد اللهيان، لوكالة "إيسنا"، عن إجراء تعديلات في المبادرة التي ستطرح بشكل جدي في المستقبل القريب إقليمياً ودولياً، وجاءت هذه التعديلات لتنسجم مع التطورات الراهنة في سورية، بحسب قوله.
وكان عبد اللهيان قد أعلن، الاثنين، خلال حديث تلفزيوني أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيبدأ زيارة رسمية إلى طهران اليوم، ومن المحتمل أن يصل قبل هذا الوقت للقاء بوغدانوف، وهو ما يعني تحركاً إيرانياً روسياً أكثر جدية فيما يتعلق بالملف السوري، إلا أن المواقع الرسمية الإيرانية لم تؤكد حتى الآن خبر عقد قمة إيرانية روسية سورية.