الغابات.. شمعة تحترق لتدفئة الفقراء.. والاغنياء ايضا
وكاله جراءة نيوز - عمان - بدأ مواطنون من ذوي الدخل المتدني والمحدود في مناطق الشمال بالعودة الى الطرق التقليدية بعد اللجوء لمدافئ الحطب بغرض التدفئة بعد ان شهدت المملكة انخفاضا في درجات الحرارة
ولجأ مواطنون في ظل عدم قدرتهم على شراء متطلبات التدفئة من الكاز والغاز والسولار لقطع الاشجار الحرجية من الاحراش والغابات لاغراض التدفئة سواء لاستخدامها في مدافئ الحطب او استخدامها في اشعال النيران بغرض التدفئة. وذكر عدد من المواطنين ان استخدام الحطب واللجوء للتحطيب كان خيارهم الوحيد وذلك لعدم مقدرتهم على شراء لوازم التدفئة او دفع اثمان الكهرباء عند استخدامها لاغراض التدفئة, خاصة بعد ان ارتفعت اسعار الكهرباء مرتين في اقل من سنة.
وتهدد عملية التحطيب التي يقوم بها المواطنون البقع الخضراء والغابات في عدد من مناطق الشمال خاصة الغابات والاحراش في محافظتي جرش وعجلون حيث انها تهدد بتحويلها الى مناطق جرداء بعد ان كانت مناطق خضراء حيث يقوم بعض المواطنين بتقطيع الاشجار الحرجية المعمرة في مناطق اربد وجرش وعجلون بغرض التدفئة او بغرض البيع غير ابهين بعقوبات وزارات الزراعة والبيئة للحفاظ على الغابات والثروة الحرجية وعدم وجود الطوافين في ساعات المساء او في بعض المناطق او الاعتداء عليهم في احيان اخرى.
كما يلجأ بعض المواطنين لتقطيع الاشجار وبيعها لمستخدمي مدافئ الحطب وأصحاب الدخل المتدني والمحدودة بطرق غير مشروعة حتى تحولوا الى ما يشبه مافيا الحطب حيث يباع الطن الواحد بحوالي 90 دينارا بينما طن الجفت المستخدم ايضا في التدفئة من 90-120 دينارا.
من جهة اخرى حصل بعض المواطنين على رخص من وزارة الزراعة للتحطيب, كما تقوم مديريات الزراعة ببيع الحطب من الاشجار ذات النوع الواحد ب¯ 60 دينارا للطن الواحد بينما يباع الحطب المخلوط بخمسين دينارا للطن كما يقوم بعض المزارعين بتقطيع الحطب من اراضيهم وبيعه للمواطنين.
وكان الطلب قد تزايد على المشتقات النفطية نتيجة انخفاض درجات الحرارة مثل اسطوانات الغاز والسولار والكاز حيث تزايد الطلب على الغاز بحوالي 5 اضعاف المعدلات الاعتيادية.
محافظة اربد
وقال مساعد مدير زراعة اربد المهندس علي الخصاونة ان الغابات في الاردن تعتبر من الثروات الوطنية التي لا تقدر بثمن ومن هنا يتوجب علينا المحافظة عليها واتخاذ التدابير والسبل الكفيلة بالمحافظة على ما تبقى من هذه الثروة الوطنية هذا الارث الذي ورثناه عن ابائنا وأجدادنا الذين حافظوا عليه من الزوال رغم ظروفهم الاقتصادية الصعبة وحاجتهم وفقرهم اذا ما علمنا ان هذه الغابات تشكل اقل من 1% فقط.
وأشار مساعد مدير زراعة اربد ان مديرية زراعة اربد تقوم بمنح رخص استثمار كما هو الحال في مديريات الزراعة في المملكة وذلك للاشجار الحرجية المملوكة من قبل المواطنين والمزارعين حيث تم منح 225 رخصة خلال الموسم الحالي 2011-,2012 كما قامت المديرية ببيع احطاب بحدود 120 طنا من الحطب الحرجي في
محافظة اربد لنفس الموسم.
واضاف, يتم ضبط المعتدين على الاشجار الحرجية حيث يتم تحويلهم للجهات المعنية وتعتمد العقوبة التي قد تكون غرامة مالية او السجن على القاضي حيث انها تختلف من قاض لاخر, لكونه يمنع الاعتداء على الاراضي والثروة الحرجية.
وقال رئيس قسم الحراج في مديرية زراعة اربد المهندس فتحي الطوالبة ان مساحة الاراضي المحرجة في محافظة اربد تبلغ 138 الفا و904 دونمات. وتبلغ مساحة مناطق الحراج الاصطناعي 071.362 دونما. بينما تبلغ مساحة الحراج الطبيعي 632.102 دونما.
وتبلغ مساحة المراعي في المحافظة 19366 دونما, وتبلغ مساحة الاراضي الحرجية والمراعي يبلغ 158 الف دونم.
وأضاف ان عدد التعديات الواقعة على الاراضي في محافظة اربد منذ بداية العام الحالي ولغاية الان بلغت عشر ضبوطات, اما التعديات الواقعة على الاشجار خلال العام الماضي فهي لا تتجاوز 25 ضبطا, مشيرا الى ان عدد الضبوطات في محافظة اربد في تناقص وذلك نتيجة لبيع الاشجار التي يتم تقطيعها من الجزر الوسطية للشوارع وأطراف الطرق من قبل الاشغال العامة والبلديات على المواطنين وبأسعار رمزية لاستخدامها لاغراض التدفئة.
واشار المهندس الطوالبة انه يوجد في مديرية زراعة اربد 70 طوافا فقط وهم لا يكفون لمساحة الحراج والغابات الموجودة في المحافظة,مشيرا لوجود التعاون بين المديرية والشرطة البيئية, حيث تعمل كوادر الزراعة على مدار الساعة, كما تتعاون مع الشرطة البيئية في ضبط المخالفين.
وأضاف المهندس الطوالبة انه يتم ضبط الشخص المعتدي على الاشجار بضبط حرجي بحيث يقدم المعتدي اذا كان مجهولا للحاكم الاداري اما اذا كان معروفا فيقدم للقاضي مباشرة حيث ان الغرامة تختلف من ضبط لاخر وذلك حسب نوع الاعتداء,حيث تكون غرامة الشجرة 100 دينار مع سجن 3 اشهر اما الاشجار المعمرة فتكون غرامتها اكبر.
محافظة جرش
وفي محافظة جرش سجلت مديرية زراعة جرش 40 قطعا حرجيا خلال الشهرين الماضيين اغلبها قطع اشجار, اضافة الى ضبط مركبات محملة بالحطب, وفقا لمدير زراعة جرش المهندس علي الاسمر الذي بين في تصريحات صحافية ان كوادر قسم الحراج في المديرية من طوافين وعمال حماية سجلوا نحو 40 ضبطا حرجيا جميعها اعتداءات على الاشجار الحرجية حيث توزعت على مناطق كفرخل وسوف وثغرة عصفور وبرما.
وقال المهندس الاسمر تم ضبط سيارتين محملتين بالحطب تقدر حمولتهما بنحو ثلاثة اطنان من الاخشاب تمت مصادرتها وتحويل الفاعلين للمحكمة, مؤكدا ان المعتدين عادة ما يستغلون الاحوال والظروف الجوية القاسية للاعتداء على الاشجار, وأن المديرية بحاجة الى مزيد من الطوافين للسيطرة على المساحة الحرجية في المحافظة والتي تقدر بنحو 92 الف دونم من الغابات الحرجية يقوم بتغطيتها 22 طوافا اضافة لعدد من عمال الحماية, كما تم مؤخرا ضبط اعتداء في المحافظة على سبع شجرات سنديان معمرة.
محافظة عجلون
وفي محافظة عجلون اكد مدير الزراعة المهندس عبد الكريم البلاونة في تصريحات سابقة بان المشاكل التي تواجه الغابات الحرجية من تعد وقطع وحرائق ورعي جائر وتوسع العمران تؤكد ضرورة زيادة عدد الطوافين والاليات وإنشاء ابراج المراقبة لحماية الغابات في محافظة عجلون.
وقال البلاونه ان عدد الاعتداءات على الاشجار الحرجية في المحافظة خلال العام الماضي بلغت 170 قضية توزعت بين قطع وحرق وتهريب ورعي وتعد, مشيرا الى ان عدد الذين يقومون بحماية الغابات يبلغ 40 عاملا وهذا العدد غير كاف لحماية الغابات في محافظة عجلون, والتي تشكل 34% من مساحة المحافظة البالغة 419 الف دونم, منها 134 الف دونم غابات تنقسم الى 99 الف دونم غابات طبيعية و17 الف دونم غابات صناعية و18 الف دونم غابات مختلطة وأشجار زيتون.
دراسات حول التحطيب
أظهرت دراسة اجراها الباحث في جامعة الطفيلة التقنية علي الشباطات ان التحطيب الجائر بات يهدد بعض الاشجار بالانقراض مثل البطم الفلسطيني والاطلسي و القيقب مشيرة تلك الدراسة الى انتشار المناشير الالية التي اسهمت بشكل فعلي بإبادة الكثير من النباتات المعمرة والتي يزيد عمر بعضها على 500 سنة, حيث ربطت الدراسة الاقبال المتزايد على التحطيب بتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة والتي وصلت الى ارقام قياسية تتراوح بين 13-15% الامر الذي اعتبرته الدراسة انعكاسا سلبياً على البيئة النباتية في المملكة وبشكل متسارع, كما كشفت الدراسة بان الاردن سيفقد نحو 1.15 مليون شجرة سنويا.
كما بين تقرير للجمعية الملكية لحماية الطبيعة ان اهم المهددات التي تتسبب في تدمير الغابات الطبيعية معامل التحجير التي كانت موجودة في محمية غابات عجلون والتحطيب وتحويل اراضي الغابات الى زراعية والرعي الجائر الذي يقضي على عملية التكاثر والتجدد الطبيعية للغابات اضافة الى سوء التخطيط وتضارب واختلاف اساليب الادارة.
وأشار التقرير ان قانون الحراج في الاردن يعتبر من اقوى القوانين على مستوى المنطقة وربما يضاهي الموجودة في بعض الدول الاوروبية ولكن تكمن المشكلة في اليات التطبيق والادارة من اجل تفعيل هذا القانون,
واعترف التقرير بوجود مشكلة في عدم وجود تعريف موحد لمفهوم غابة في الاردن فكل جهة معنية بالغابات لها مفهومها الخاص الذي ينطلق من اولوياتها حتى لو تعارض مع الجهات الاخرى مما سيجعل مسألة اجماع واتفاق جميع الجهات المعنية على مفهوم وتعريف واضح للغابات امرا اساسيا.
وكشف التقرير عن وجود حوالي 460 الف دونم غابات حراج اصطناعي وحوالي 378 الف دونم غابات طبيعية وحوالي 60 الف دونم غابات ملكيات خاصة. حيث ان نسبة مساحة الغابات في المملكة تصل الى حوالي 0.9% من مجمل مساحة المملكة, وهذه الغابات تنتشر من وادي اليرموك شمالا وحتى وادي موسى ومرتفعات الشراة جنوباً.
وقال ان الغابات والغطاء النباتي بشكل عام تعاني من مشكلة الجفاف وهذا يرتبط بصورة اساسية بالمناخ اما المشكلة الثانية فهي الحرائق التي اتت على مساحات ليست بالقليلة وخصوصاً الغابات الصنوبرية لانها تحتوي على مواد تساعد على الاشتعال مما يجعل مكافحة حرائقها والسيطرة عليها عملية صعبة.
ومن ناحية اخرى فهناك مشكلة الرعي الجائر سواء في مشاريع التحريج الصغيرة او في الغابات الكبيرة, اضافة الى مشكلة التحطيب حيث يقوم بعض الاشخاص بالاعتداء على الاشجار بقطعها لغايات الاتجار بأخشابها وذلك على الرغم من الاحتياطات القانونية التي تتخذ لمنع هذه الاعتداءات الا انها ما زالت تعتبر مشكلة بسبب وجود فئة قليلة انعدم انتماؤها وأصبحت مهنتهم تدمير الغابات.
إجراءات للحفاظ على الثروة النباتية
وتقوم الجهات المعنية بإجراءات للحد من الاعتداء على الثروة الحرجية يتركز على اجراء حملات توعية تؤكد اهمية الثروة النباتية والتنوع الحيوي, اضافة الى محاولة تفعيل قانون الزراعة رقم 44 لسنة 2002 والخاص بالمخالفات التي تجرى ضد من يعتدي على الاشجار وتفعيل العقوبات بحسب حجم المخالفة والتي تعتمد بشكل رئيسي على عمر الاشجار في حين ان هناك غرامات مالية تتراوح بين 100-1000 دينار تترتب على الاشخاص الذين تم ضبطهم ومصادرة ما بحوزتهم من الادوات المستخدمة في عملية التحطيب, اما عقوبة السجن فتعتمد على نوع الاشجار مع التركيز على المساحة التي تضررت فإنها قد تصل الى اسبوع وقد تزيد على اربعة شهور.
من جهة اخرى ادرجت وزارة الزراعة ضمن خططها وللتخفيف على المواطن الاردني تولي مهام بيع الحطب في السوق الاردنية بقيمة لا تتجاوز 60 ديناراً للطن الواحد خلال الشتاء, غير ان اسعار الحطب شهدت ارتفاعا جنونيا حيث وصل سعر الطن الى 100 دينار,كما تبنت الوزارة خطة بيع الحطب من اجل كبح جماح استغلال تجار الحطب اذ بلغ سعر الطن الواحد في السوق خلال موسم الشتاء الماضي 250 ديناراً
كما ان وزارة الزراعة كانت قد اعلنت في وقت سابق عزمها اطلاق مشروع التقليم الوطني بهدف توفير فرص العمل للمواطنين من خلال تقليم الاشجار بما يساهم في الحفاظ عليها وزيادة نموها وتوفير كميات كبيرة من الاحطاب ليتم بيعها بأسعار رمزية للمواطنين تتراوح بين 10 الى 15 دينارا بدلا من 50 دينارا للطن الواحد لاستخدامها لاغراض التدفئة.
وكانت وزارة البيئة ومع دخول فصل قد اعلنت انها بصدد اتخاذ سلسلة اجراءات للحفاظ على الثروة الحرجية والغابات في الاردن وللحد من عمليات التحطيب لغايات التدفئة, حيث تكثر اعمال الاتجار بالخشب بشكل مخالف للقانون نتيجة للتحطيب والاعتداء على الاشجار.
يذكر بان مساحة الاراضي الحرجية في المملكة تقدر بحوالي 1.5 مليون دونم منها 400 الف دونم تغطى بالغابات الطبيعية وسعى الاردن منذ العقود الماضية الى زيادة المساحات الخضراء من خلال استكمال زراعة المساحات المتبقية بالاشجار الحرجية, وما زالت نشاطات التحريج دون المستهدف.