مواطن اردني ينتج ثلث انتاج العالم من الطباشير
وكاله جراءة نيوز - عمان - لم يكن يملك سوى اجرة الحافلة التي اقلته من عمان الى الكرك، غير ان تلك الرحلة بالنسبة لصلاح العقبي كانت السر وراء امتلاكه لأهم ثاني مصنع لصناعة الطباشير في العالم يغزو انتاجه نحو 70 دولة عربية واجنبية.
وداخل مصنعه الذي اصر على اقامته في قريته العالية شمال الكرك، يروي صلاح قصة نجاحه التي قدم نفسه فيها نموذجا لشاب اردني طموح ركب امواجا من المخاطر لتحقيق حلم راوده اثناء رحلته بين عمان والكرك ويحظى بتكريم من جلالة الملك الذي زار المصنع الخميس الفائت في اطار دعم جلالته للمشاريع الريادية التي تحقق مردودا ايجابيا على المجتمعات المحلية.
يقول صلاح "كنت استمع لبرنامج اذاعي في طريق العودة الى البيت، تحدث وقتها مستثمر اردني عن صناعة الجير في الاردن فلفت انتباهي قوله ان الاردن لا يوجد لديه صناعة للطباشير.
وهنا بدأت الفكرة ليغوص المهندس صلاح بدراسة إنشاء مصنع للطباشير في الاردن، فبحث طويلا في الفرص المتاحة والمخاطر المحتملة، وطالت الدراسة مبادرتين لم تكتملا لمصنعين للطباشير وبحث ايضا في أسباب فشلهما.
حمل صلاح اوراق مشروعه بعد ان اكتملت الدراسة متوجها الى صندوق التنمية والتشغيل، عرض افكاره، وحصل على 30 الف دينار قرضا من الصندوق مقابل رهن بيته وبيت والده وبيت صديقه، لتبدأ حكاية المصنع الذي يغطي انتاجه حاجة ثلث العالم من مادة الطباشير.
ولإدراكه لواقع ابناء منطقته المصنفة ضمن مناطق جيوب الفقر اقام المشروع هناك ليتيح الفرصة لأكثر من 70 شابا وشابة للعمل ضمن المصنع مقابل اجور ملائمة ساهمت في تحسين واقعهم المعيش.
وهنا يقول صلاح "المصنع ليس لي وحدي، انه هو لجميع ابناء منطقتي الذين وقفوا الى جانبي وعملوا معي ليلا نهارا في البداية".
واعتبر ان ما حدث له دليل على ان الشباب الاردني قادر على الانجاز والعطاء حين تتوفر له الفرصة، مؤكدا أن ما شجعه على البدء في المشروع هو الدعم الذي يوليه جلالة الملك عبدالله الثاني لقطاع الشباب.
وقال "بقيت فكرة إنشاء المصنع تراودني، وما شجعني الى المبادرة خطابات الملك ودعمه للشباب وحثهم على المبادرة، ودعوته ايضا المؤسسات لدعم أفكارهم وطموحاتهم".
وأضاف "عندما توجهت الى المؤسسات الحكومية المعنية كشاب يحمل فكرة مشروع وجدت كل الدعم، خصوصا وأنني اخترت منطقتي المصنفة ضمن مناطق الفقر لتكون مقرا للمصنع".
وترك المصنع آثارا ايجابية في المنطقة كما يقول سالم العمرو أحد السكان المحليين والذي بين أن المصنع الذي بدأ بسيطا وصغيرا يعتمد على عدد محدود من العمال تطور بشكل ملحوظ، وانعكست آثاره الإيجابية على أبناء المنطقة.
وأكد أن أبناء وشباب المنطقة استفادوا من نتائجه بتوفيره فرص العمل الملائمة للعديد منهم، خصوصا الفتيات اللواتي يواجهن صعوبة في العمل في المناطق البعيدة نسبيا عن منطقتهن.
وفي المصنع مجموعة من الفتيات والشبان يديرون عجلة الإنتاج، الذين أكدوا أن نجاح المصنع هو نجاح لجهودهم وللمشروع الذي وفر لهم فرص عمل بعد سنوات من البطالة، في المشروع الذي بدأ انتاجه في العام 2003 بطريقة يدوية شهد بعدها تطورا واضحا خلال السنوات الماضية واعتماد تقنيات حديثة في عملية التصنيع ووفق المواصفات العالمية في هذا المجال.
وتضاعف رأس مال المصنع ورافقته زيادة في عدد العاملين فيه من عاملين اثنين في بداية التأسيس الى 70 عاملا وعاملة، لمواجهة الطلب المتزايد محليا وعالميا على الطباشير الطبية التي ينتجها المصنع.
وحين راودته فكرة تسويق انتاج المصنع خارجيا، شارك في دورة دعت اليها احدى المؤسسات الهولندية المعنية بتطوير الصناعات في العالم الثالث، حيث تم اختيار الاردن من بين دول الشرق الاوسط للالتحاق بهذه الدورة التي شارك فيها ممثلون لعشرين دولة حول موضوع تطوير المصانع وزيادة مهارات التسويق، وخلال تلك الدورة اوضح العقبي ان فكرة انتاج الطباشير الطبية لفتت نظره بحكم توفر المواد الخام اللازمة لهذه الصناعة في المملكة، حيث تم اضافة خط انتاج جديد لتصنيع هذا النوع من الطباشير باشر انتاجه في العام 2008.
ويحقق المصنع وفقا للعقبي نسبة نمو تصل الى ما نسبته 50 بالمئة سنويا، وهو امر دفعه للتفكير جديا بإضافة خط انتاج اخر لتصنيع الاقلام الملونة ومعاجين العاب الاطفال مستقبلا، متوقعا ان يسهم ذلك في توفير المزيد من فرص العمل لأبناء المنطقة.
العاملون في المصنع قالوا ان معظمنا كان فريسة للبطالة، لكن المصنع وفر لنا فرصة العمل التي كنا في امس الحاجة لها، مثمنين لجلالة الملك الالتقاء بهم خلال زيارته للمصنع، واكدوا ان ذلك اللقاء هو بمثابة دافع لهم لبذل المزيد من الجهود للمساهمة في بناء نهضة الوطن وتطوره.
واوضح الشاب محمد العمر انه يتقاضى حاليا راتبا قدره 350 دينارا حيث يعمل في الفترة الليلية وهو امر اعانة على تأمين دخل ثابت لإعالة اسرته المكونة من خمسة افراد، اما ساجدة الطورة فبينت انها تعمل في المصنع منذ اربع سنوات، وساعدها العمل في المشاركة في تحسين موارد اسرتها، في حين قالت مي العقبي انها لا تحمل مؤهلا علميا يساعدها في توفير فرصة العمل التي تحتاجها، لكن عملها في المصنع حقق لها هذه الرغبة.