مصادر فلسطينية : واشنطن تنصح عباس بعدم توجيه رسالة إلى نتانياهو

وكاله جراءة نيوز - عمان - كشف مسؤولون فلسطينيون بأن الإدارة الأميركية نصحت الرئيس محمود عباس مباشرة، وعبر وسطاء بصرف النظر عن الرسالة التي أعلن أنه سيوجهها قريباً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خشية حدوث «تدهور جديد» في العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية.

وقال المسؤولون إن الإدارة الأميركية عبرت لعباس عن قلقها من أن تحمل الرسالة عبارات يعتبرها نتانياهو «تحذيرية» أو «تهديدية»، فيرد عليها بصورة «استفزازية» تؤدي إلى حدوث «تدهور آخر» في العلاقات «المتدهورة أصلاً» بين الجانبين.


وترى الإدارة الأميركية أن ترك حال التدهور الراهنة في العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين يحمل مخاطر حدوث «انفجار» الأمر الذي ترى أنه من الممكن التغلب عليه ومنع حدوثه عبر العودة إلى صيغة ما من المفاوضات أو المحادثات بين الجانبين مثل محادثات عمان الاستكشافية، أو أفكار منسق «اللجنة الرباعية الدولية» توني بلير القائمة على رزمة خطوات ترى أن من شأنها أن تنعش العملية السلمية الميتة.


وقال مسؤولون إن الإدارة الأميركية أوصلت هذه الرسائل إلى الرئيس عباس مباشرة عبر السفير ديفيد هيل الذي بات يقوم بدور المبعوث الخاص للعملية السلمية من دون تعيين رسمي في الموقع بديلاً من دنيس روس أو جورج ميتشيل، أو عبر جهات إقليمية مثل الأردن وغيرها.


وتقوم فكرة بلير على سلسلة خطوات إسرائيلية وفلسطينية تؤدي إلى خلق بيئة جديدة إيجابية بين الجانبين بدلاً من البيئة السلبية الراهنة التي تحمل معها مخاطر الانفجار، منها إطلاق سراح معتقلين قدماء وقادة سياسيين وتحويل أجزاء من مناطق الضفة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية والسماح للسلطة بإقامة مشاريع حيوية في بعض المناطق مثل إقامة آبار وشبكات مياه وطرق وغيرها.


ومقابل ذلك يعود الجانب الفلسطيني إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.

وقال مسؤول رفيع لـ «الحياة» إن عباس رفض هذه الاقتراحات لأنه يعتبرها خطوات صغيرة لا تؤدي إلى حل القضية الفلسطينية الجاري التفاوض عليها منذ عقدين من الزمن دونما جدوى. وأكد إن أية خطوة لا تتضمن وقف الاستيطان لن تعتبر ذات مغزى في العملية السياسية.

ويقول مقربون من الرئيس الفلسطيني إنه يرى في الرسالة التي سيوجهها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي جسراً مهماً إلى المجتمع الدولي في غياب دور حقيقي للإدارة الأميركية المنشغلة في الانتخابات الرئاسية.


وقال مسئول رفيع لـ «الحياة» إن الرسالة ستتضمن شرحاً مفصلاً للعملية السلمية وانطلاقتها، وإخفاق نتانياهو في الاستجابة إلى أدنى شروط استمرارها، وهو وقف الاستيطان، وتراجعه عنها على نحو أدى حتى إلى وفاة اتفاق أوسلو.


وتشمل الرسالة قائمة بالتراجعات الإسرائيلية عن اتفاق أوسلو مثل إعادة فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على بعض مناطق الضفة، وإعادة تشغيل الإدارة المدنية في الضفة لتقوم بأحد أدوار السلطة الفلسطينية في إدارة شؤون الفلسطينيين تحت الاحتلال وغيرها.


وكان عباس أعلن في اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة الشهر الماضي انه سيوجه هذه الرسالة إلى نتانياهو قبل أن يقدم على سلسلة خطوات سياسية منها العودة إلى طرق باب الأمم المتحدة طلباً لعضوية فلسطين في المنظمة الدولية، ومنها اللجوء إلى الدول المتعاقدة على «ميثاق جنيف الرابع» في شأن المناطق الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي لمطالبتها بتطبيق نصوص هذا الميثاق على فلسطين، خصوصاً البنود المتعلقة بحماية السكان وحماية ممتلكاتهم وأراضيهم، بما في ذلك منع حدوث تغيير في هذه المناطق مثل جلب مجموعات سكانية لإسكانها فيها.


وقال المسؤول الفلسطيني إن الرئيس عباس سيتجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال عدم تصويت مجلس الأمن لصالح طلب العضوية الفلسطيني المقدم في أيلول (سبتمبر) العام الماضي. وقال إن الطلب الذي سيقدم إلى الجمعية العامة هذا العام هو منح فلسطين موقع دولة غير عضو.


وتشمل رسالة عباس لنتانياهو المتوقعة الأسبوع المقبل أيضاً تذكيراً بدور السلطة التي أسست من أجل نقل الفلسطينيين من الاحتلال إلى الاستقلال وليس تكريس الاحتلال، وفق ما قال صائب عريقات. وأكد عريقات أن «الرسالة لن تكون رسالة تهديد ووعيد وإنما رسالة سياسية، تتحدث عن مفاوضات أخفقت في تحقيق هدفها وهو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة، وعن سياسات إسرائيلية تؤدي إلى قتل حل الدولتين، وإنهاء أي أمل بحل سياسي مستقبلي.

وتتسم خطوات الأطراف المختلفة بـ «إدارة الأزمة» لحين انتهاء الانتخابات الأميركية نهاية العام الحالي. فالإدارة الأميركية ومعها الاتحاد الأوروبي و «اللجنة الرباعية الدولية» وأطراف إقليمية مثل الأردن، تعمل على خفض التوتر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومحاولة تحسين العلاقة، ولو جزئياً بينهما لحين قدوم إدارة جديدة في «البيت الأبيض».

والجانب الفلسطيني يحاول ملء الفراغ الناجم عن غياب الدور الأميركي عبر سلسلة خطوات داخلية مثل المصالحة، وخارجية مثل اللجوء إلى المحافل الدولية للحصول على مكانة رمزية تعزز من مكانة ومشروعية المسعى الفلسطيني للاستقلال.


لكن الجانب الإسرائيلي يستغل حال الفراغ في فرض المزيد من الحقائق الاستيطانية على الأرض على نحو يجعل من إزالتها مستقبلاً أمراً في غاية الصعوبة، وربما الاستحالة.