هل تعلم ان الحجر الأسود تمت سرقته وهل تعلم من سرقه؟
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
قصة سرقة الحجر الأسود أثبتها أهل العلم بالتاريخ – عليهم جميعًا رحمة الله تعالى – والطائفة التي قامت بهذا المنكر العظيم هي الطائفة المعروفة بالقرامطة، ولها أسماء عديدة، فمنها الباطنية ومنها الإسماعيلية ومنهاالجرمية والبابكية، ولهم أسماء أخرى غير ذلك، وكانت حقيقة مذهبهم أنهم يظهرون أنهم من الروافض الموالين لآل البيت ويبطنون الزندقة والكفر، وكانوا على اتصال ومراسلات بينهم وبين من ينتسب إلى الفاطمية في ذلك الوقت، وكانت بداية نشأتهم من بداية سنة مائتين وثمان وسبعين، ووقع أن اشتد أمرهم واستفحل وتبعهم كثير من الجهلة لأنهم تسربلوا بلباس الموالاة لآل البيت مع إبطان الكفر المحض لأنهم في الحقيقة من الزنادقة الذين لا يؤمنون بدين ولا نبي، فهذا أصل دينهم، ولذلك قيل في حقهم: ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، حتى وصل أمرهم إلى أميرهم سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي القُرمطي، وهذا اللئيم ومن معه من هؤلاء الملاحدة دخلوا إلى مكة في ثلاثمائة وسبعة عشر ثم استباحوا الحرم المكي وذلك في اليوم الثامن في يوم التروية وقتلوا الحجيج ونحروهم نحرًا وألحدوا إلحادًا لم يسبق إليه في بلد الله الحرام وأمر أميرهم الخبيث بنزع أستار الكعبة وأمر بعضهم أن يقوم بكسر ميزابها، فصعد إلى الميزاب ليكسره فوقع على أم رأسه فهلك إلى نار جهنم، فحينئذ كفَّ أميرهم الخبيث عن الميزاب وأمر بكسر الحجر الأسود واقتلاعه من مكانه وانتزعوه وذهبوا به إلى بلادهم في سنة ثلاثمائة وسبعة عشر ثم لم يزل عندهم إلى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فمكث غائبًا عن موضعه الشريف من البيت ثنتين وعشرين سنة – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – حتى قيض الله جل وعلا من أزال دولتهم كما ستأتي الاشارة الى ذلك، وكانت هذه الدولة الباطنية من أعظم ما ابتلي به المسلمون في هذا الوقت واستفحل أمرهم وتملكوا بلاد المغرب وبلاد مصر باسم الدولة الفاطمية وقتلوا خلقًا عظيمًا من الناس وأظهروا الكفر والإلحاد وتبديل الدين والشرائع بل وكان كثير منهم يعلن أنه هو الله، وكانوا يعتقدون أن الحاكم هو الله، ومنهم من كان يقول:
ما شئت أنت لا ما شاءت الأقدار *** فاحكـم فأنت الواحد القهار
والعياذ بالله عز وجل، ثم جزاهم الله جل وعلا من جنس صنيعهم، فانتقم الله تعالى منهم وأزال دولتهم وأبادها، هذا مع ما كانوا يظهرونه من الكفر والضلال وإن كانوا مع ذلك على تواصل مع ما يسمى بالدولة الفاطمية التي تحالفوا معها حلفًا عظيمًا وكانت هي دولتهم بعد ذلك حتى قضى الله جل وعلا عليهم وأبطل دولتهم وأذهب ريحهم وتلاشى أمرهم على يد السلطان البطل ناصر الدين الأيوبي – عليه رحمة الله تعالى - .
وأما عن أميرهم سليمان بن الحسن – قبحه الله تعالى – فإنه هلك من جملة من هلك، وهذا يا أخي أمر لا يُشكل عليك فإن الله جل وعلا يجازي العباد بحكمته وعدله، فها هو فرعون يدعي أنه رب العالمين فيقول: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} ويقول: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، والله جل وعلا يمهله ومع هذا فلا يفلته، ولذلك قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. وثبت عن النبي صلى أنه قال: (إن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) ثم تلا هذه الآية الكريمة.
وهذه حكمة الله جل وعلا في الظلمة الأشقياء، فإنه تارة يأخذهم ويعاجلهم بالعقوبة بحسب ما يرى الناس وتارة يؤخرهم إلى أجل مسمى ثم مردهم إلى الله جل وعلا فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وكل ذلك واقع في سنة الله جل وعلا وفي طريقته في أخذ الظالمين العتاة.
ونسأل الله أن يشرح صدوركم وأن ييسر أموركم وأن يعز الإسلام وأهله وأن يجعلنا من عباد الله الصالحين، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.
وبالله التوفيق.