برنامج تنفيذي ليس للتنفيذ
لدينا وزارة للتخطيط الذي لم يعد موضة في هذا العصر ، فلا بد أن تجد الوزارة لنفسها دوراً فكان البرنامج التنفيذي التنموي ، وهو خطة للحكومة ، لا تحاول أن تفرضها على القطاع الخاص.
من المتفق عليه في عالم اليوم أن القطاع الخاص يتبع إشارات السوق، فلا حاجة لأن تخطط له الحكومة، وهو على أي حال لن يتقيد بأية خطة حكومية إذا وجدت.
أما الحكومة التي لا تتبع إشارات السوق ، فتحتاج فعلاً لخطة عمل ، والمفروض أن تكون الموازنة العامة هي العمود الفقري للخطة الحكومية وأداة التنفيذ. ومن هنا جاء البرنامج التنفيذي ، وهو أسلوب لجعل الموازنة العامة تأخذ الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية بالحساب ، ولا تكون مجرد جداول وموازين محاسبية.
ما يقف في وجه البرنامج التنفيذي أنه يحتاج للمال وهو غير متوفر ، ومن هنا يكتسب جدول الأولويات أهمية خاصة ، بحيث يخصص ما قد يتوفر من المال للمشروعات ذات الأولوية القصوى اقتصادياً واجتماعياً.
نقطة الانطلاق في التخطيط أو البرمجة أن تتوفر إلى جانب المعلومات رؤية لما يجب أن يكون عليه الحال مستقبلاً ، فالخطط والبرامج تأتي لتحقيق تلك الرؤية ، فما هي الرؤية في حالتنا. وهل تتركز على النمو ، أم عدالة التوزيع ، أم خلق فرص العمل ، أم الاكتفاء الذاتي ، أم الاستثمار ، أم الاقتصاد المعرفي ، أم ترشيد الحكومة لتكون أصغر حجماً وأكثر كفاءة أم كل هذا أو بعضه.
بشكل عام يمكن القول بأن بيان الحكومة في مجلس النواب لنيل الثقة هو خطة العمل المقررة للحكومة بعد استبعاد العموميات وتعبيرات العلاقات العامة. والمفروض ، نظرياً على الأقل ، أن يتم تقييم نجاح أو فشل أي حكومة بمقارنة الإنجاز بالبرنامج المعلن.
إلى جانب عدم توفر المال ، فإن صعوبة أخرى تقف في وجه التخطيط وهي مدى تأثر الأردن بالعوامل الخارجية والإقليمية التي لا يمكن السيطرة عليها أو التنبؤ بها ، فنحن نعيش في منطقة غير مسـتقرة سياسياً وأمنياً ، والاحتمالات مفتوحة ، وعدم التيقن سيد الموقف ، ومن هنا تصدر ملاحق الموازنة تباعاً ، ويتفوق الأردن في مجال إدارة الأزمات وتحويلها إلى فرص.