الملك يروي عندما اقسم باطلاق الرصاص على أحد كبار ضباط الجيش في قاعدة عسكرية
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
روي جلالة الملك عبدالله الثاني في كتابه 'فرصتنا الأخيرة' كيف اثار احد ضباط الجيش غضبه خلال خدمته العسكرية في قاعدة بالزرقاء ، حتى انه هدده باطلاق الرصاص عليه.
يقول الملك : ' شخصياً كنت سعيداً باقامتي هناك ، أما مهنياً فلم يكن الامر كذلك . فأنا لم أكن حتى ذلك الوقت قد سويت خلافاتي مع بعض كبار ضباط الذين كانوا مصممين على افساد مسيرتي المهنية في الجيش ، والذين كانوا قد أعطوا التعليمات لمرؤوسيهم بأن يضعوا العراقيل والمتاعب في طريقي ، حتى أن السنة التي أمضيتها في الزرقاء كانت خلالها السرية التي أقودها تلقى اليها واجبات ومسؤوليات اضافية وتتعرض أكثر من سواها لحملات تفتيشية مفاجئة . كان لي اصدقاء بين مجموعة من قادة السرايا الذين كنت ألتقيهم لتمضية بعض الوقت معا ، ولكن كنت ايضا على علاقة تتسم بمسحة رسمية بعض الشئ مع قائد سرية أخر من خلفية بدوية، كان دائما يظهر لي احتراما لكن دون أن يزيل المسافة الرسمية بيننا .
كان هناك تفتيش اداري سنوي وكان الاستعداد له يتطلب عملاً شاقا وكبيرا.وكان علينا ان نعرض كل تجهيزاتنا وآلياتنا لكي يراجع المفتشون كل السجلات ويتأكدوا من أن شيئاً من تلك التجهيزات والآليات ليس ناقصاً او مفقودا .
واذا وجد المفتشون حتى مفتاح ربط ناقصاً اثاروا مشكلة كبيرة ، ولذلك كانت السرايا تتبادل المعلومات والتجهيزات قبل انطلاق هذه الحدث الكبير . التفتيش السنوي كان يشمل في العادة اللواء بكامله ، لكن في احد الأمسيات جاءني قائد السرية البدوي وقال لي :' سيجرون تفتيشاً مفاجئاً غداً ، وسيختصر على سريتك وحدها ، يريدون أن يجدوا عليك ممسكاً يمكنهم من ارسال تقرير سيئ عنك إلى القيادة '. هذا الأمر كان سابقة بالفعل .
قادة السرايا الآخرون الذين حسبتهم اصدقاء اشاحوا بوجوههم عني وتركوني لمصيري.
لكن القائد الذي كان يحتفظ بمسافة بين وبينه قال :' انا مستعد لاعطائك كل ما تحتاج اليه' . عملنا معا طوال الليل للتأكد من أن سريتي ستكون جاهزة في صباح اليوم التالي اما انا فقد اعتذرت من جنودي قائلاً إن هذا التشديد مرده إلى كوني من انا ، ولكن لسوء الحظ ليس لدينا خيار سوى تنفيذ ما علينا تنفيذه .
في صباح اليوم التالي جاء قائد الكتيبة مع فريقه ونفذ عملية التفتيش الفجائي ،وكانت النتيجة نجاحاً كاملاً ، لكن حادثاً وقع لم أكن قد رأيت له مثيلاً من قبل ، ومنذئد حتى اليوم ما زلت لم أرّ له مثيلا. اتجه قائد الكتيبة نحو كبار ضباط الصف في سريتي وكانوا يقفون صفاً واحداً وقال لهم :' احذيتكم ليست كما يجب '. رجالي كانوا يعملون طوال الليل ولم يذوقوا طعم النوم ومع ذلك كانت احذينهم تلمع .
حدق قائد الكتيبة إلى عيني الرقيب أول ودعس على حذائه دعسة عنيفة وفركه فركاً .ضابط صفا آخر تأخر عن الاجابة عن سؤال قائد الكتيبة الذي ضرب عرض الحائط بكل قواعد المعمول بها وصفع ضابط الصف على وجهه ، وهذا تصرف شديد الاهانة في تقاليدنا .
عند هذا الحد نفذ مني الصبر ، فلحقت بقائد الكتيبة الى مكتبة وقلت له :'اذا امتدت يدك مرة اخرى ولمست واحدا من جنودي اقسم بالله انني ساطلق النار عليك '. أظن أن هذا الكلام وهذه اللهجة استرعيا انتباهه جيداً ،فأنا لست من الذين يفقدون اعصابهم ولا صبرهم بسهولة ، لكن تصرفه حيال جنودي أثار في غضبا كبيراً ،ومع أن فورة الغضب التي عبرت عنها ضمنت حماية لسريتي وجنودي ، فإن تلك اللحظات لم تكن موضع افتخار لدي على الإطلاق .