!!!من الذي مزّق وثيقة السلط؟؟؟
بدأت مراسم الأعراس وأفراح المناسبات المتنوعة والكثيرة، مع بداية صيف هذا العام ونحن نتذكر (وثيقة السلط) التي وقَّع عليها نخبة من أبناء مدينة السلط، حيث أن هذه الوثيقة تعالج بعض العادات الموجودة في مجتمعنا، والتي تشكل عبئاً مالياً ثقيلاً ومشقة على الناس، ومن هذه العادات ولائم حفلات الزواج وولائم الميت والفتح ثلاثة أيام من الصباح إلى العاشرة ليلاً... والمطالبة بالتخفيف على العباد. ومن العادات السيئة التي أتت عليها الوثيقة واعتبرتها عادات سيئة يجب الامتناع عنها هو اطلاق الأعيرة النارية في مناسبات الأفراح، كل هذا أتت عليه (وثيقة السلط) حيث وضعت حدوداً لهذه العادات وكذلك تخفيض المهور وعدم المغالاة في طلب المهور لبناتنا. كل ما ذكر لم يُطَبَّق على الواقع عدا الفتح للميت حيث أصبحت بعض العائلات تتفق على أن يكون الفتح للميت ما بعد صلاة العصر ولمدة ثلاثة أيام والقليل من يلتزم بهذا ولكن التغير في هذا بدأ بالتدريج، ولا يزال الكثير يعارض الفتح في العزاء بعد العصر. أما العادات الباقية فقد بقيت على حالها بل على العكس فإن بعضها زادت حدتها والتطرف في اقامتها، وصار أهل المناسبات يتفننون في اقامة الاحتفالات وأصبح هناك سباق ساخن في عمل الولائم، أيهم قدم أكثر عدد من المناسف، أبو كريم قدم مائة وخمسين، وأبو أكرم قدم مائتان، أما أبو حاتم فقدم ثلاثمائة وقد ضرب رقماً قياسياً في هذا السباق المحموم، وغدا في مقدمة المتسابقين يتردد اسمه وينتشر صيته في الدواوين والمجالس. والغريب في الأمر أن أبا حاتم صاحب الرقم العالي هو من الموقعين على (وثيقة السلط). ان الذين يقدمون الرشد والنصائح لعامة الناس ويقولون بأن التبذير والبعزقة لنعمة الله حرام، تراهم في المناسبات التي تخصهم يدخلون السباق دون حياء من أحد، فالطعام يسكب في الحاويات، وأفراحهم ساحات لاطلاق النار، وحفلاتهم الساهرة في الفنادق الفاخرة لا تخلو من البذخ واظهار الكبرة، فهم يقولون ولا يفعلون، قال تعالى: (( كَبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) صدق الله العظيم. أما المهور فحدِّث ولا حرج، أصبحت في هذا الزمان الصعب تأخذ منحنى تصاعدياً وفي زيادة مطروحة، والمبالغة في المهور لا تخرج عن الفخار والكبرة بمعنى أن فلان بنت فلان مهرها ما حصل بين بنات العشائر وكل ذلك يجري رغم أن الحياة ومتطلباتها لا تتناسب مع الدخول التي يحصل عليها الناس. واليكم اختراق آخر لوثيقة السلط، وهو اطلاق الأعيرة النارية في المناسبات فهو بين المد والجزر، وبعض المناسبات يمنع أصحابها ويطلبون من الضيوف عدم اطلاق النار ويشددون عليهم، والبعض الآخر وهم الأكثرية يشجعون اطلاق النار، ويعتبرون أن عدم اطلاق النار في مناسباتهم يُعِدّ انتقاصاً لكرامتهم، حيث يبادر أصحاب المناسبة باطلاق النار، وبهذا يفتحون المجال الواسع أمام الضيوف ويشجعونهم على ذلك. حدثني صديق لي حضر أحد الأعراس الكبيرة في السلط وقال: كنت جالساً تحت الخيام لتناول الغداء في عرس دعيت له، وأنا جالس تحت الخيمة نظرت واذا بشاب يجلس بجانبي لفت انتباهي كثرة حركاته وكلامه مع الآخرين، واذا به يحمل كيساً وبعد قليل من الوقت أخرج من الكيس سلاحاً ضخماً ومخازن ذخيرة، وحينما رأيت السلاح وكثرة مخازن الذخيرة دب الرعب في قلبي وبدون تأخير مسكت بيد الشاب ورجوته رجاء الخائفين أن يمتنع عن اطلاق النار أو يبتعد عن هذا المكان الذي أجلس فيه، عندها قال: اذا كنت تخاف من السلاح كيف بدك تحارب اسرائيل ولماذا تأتي إلى هذا العرس وطبعك الخوف؟؟!!! الأفضل لك أن تبقى في بيتك، عندها أيقنت أن اطلاق النار سيكون بالقرب مني لا محالة، وكانت الخيام مزدحمة بالضيوف لتناول وجبة الغداء، ولا أستطيع أن أغير موقعي، عندها فكرت ثم خرجت من تحت الخيام منسحباً قاصداً بيتي وأنا في حالة رعب شديد، وقد أفادني صديقي أن الذي أخرج السلاح ليطلق النار لا يتعدى عمره الخمسة عشر عاماً، هو ابن شيخ من شيوخ السلط، وقد يكون من الموقعين على (وثيقة السلط) التي أصبحت حبراً على ورق.