هل يعي الأردنيون عظم التحديات المحدقة بوطنهم؟

الأزمات مستمرة والملفات عديدة والناس في حيرة والميادين متأججة بين خطابات متبعثرة ومتغايرة، والاردن وسط بحيرة تحديات متلاطمة، فإذا نظرت شمالا أنت أمام أمواج من البشر يهربون من القتل، لا تدري وأنت تفكر بهم إلى اين منتهاهم؟ واذا نظرت شرقا تعبت من حجم الدمار وعديد القتلى على مدار عقود ثلاثة، لا تدري وانت تحصي الحروف من أي باب ستخرج؟ واذا نظرت غربا لا تجد غير حراب مشرعة والاقصى الأسير يستصرخ الأمة وانت تقف بين الحُزن والحَزن، فماذا تقول وعن ماذا تتحدث؟ وإذا عدت إلى الداخل الأردني داهمك الهم الذي يؤسس للقلق والخوف من وعلى ابناء وطنك، ممن يعرفون كم يتحمل هذا البلد سنويا من موجات بشرية تحمل جبالا من الألم وملفات ليس لها نهاية، بدء بالتهجير الفلسطيني منذ بداية القرن الماضي الذين تجاوزت أعدادهم ملايين النازحين واللاجئين، ومرورا بالحرب اللبنانية في منتصف السبعينيات حين استقبل الاردن آلاف اللبنانين، ثم حرب الخليج عام 1990 وما رافقها من تهجير إنسانيٍّ ناهز المليون، ثم موجات العراقيين في اثناء الحصار وبعد الاحتلال وزاد عددهم عن المليون عراقي أيضا، ثم الملف الليبي حيث يقيم اليوم أكثر من ثلاثين الف ليبي بقصد العلاج، وها هم أحبتنا من ابناء جلدتنا من سورية يتدفقون بعشرات الألاف، لا يدرون ماذا يفعلون ؟ كل هذا ألا يشكل أمام قوى المعارضة سؤالا لحراكها المستمر من أن البلد لا يحتمل مزايدات من أحد على تحدياته التي تضرب سياساته الاصلاحية وتطيح بميزانيته التقشفية!
إن قراءة التحديات المحدقة ببلدنا تقتضي رؤية بعيدة النظر، لا تطبل وتزمر لفزعات الشارع التي لا يتجاوز نظرها عند بعضهم طول قامات المشاركين بها، هؤلاء الذين يغيبون ويعودون مع كل حكومة بالشعارات نفسها والاتهامات الجاهزة، آما آن لهم ان يقرأوا المشهد بعيون مفتوحة وعقول جادة، لا أن يقفوا عند اجابات الأمير الحسن على ما طرح عليه من اسئلة عالجها بلباقته وثقافته هادفا الى أن ينبه أبناء مجتمعه بالمخاطر الحقيقية التي تدور في مراكز صنع القرار الغربية، وما يحاك ضد الأردن وترابه، علينا أن نعود لقراءة الحوار بروية لكي ندرك خطورة التحديات.
على ابناء الاردن على اختلاف مشاربهم أن يتنبهوا وان يتحركوا للوقوف مع وطنهم في هذه الظروف، لا أن يتركوا لحملة الاقلام المسمومة، واصحاب الافكار المريضة، واقلام الشؤم التي تطيح بالامن والاستقرار لصالح نفر قرر ان يستمر بالشارع إلى النهاية، نعم الاردن الآمن هو الأردن الديمقراطي، والأردن المستقر هو الأردن الحر، والأردن الذي يستقبل المعذبين والمهجّرين من أخوتنا هو الأردن العروبي القومي المسلم، لا نريد مناكفات ندفع ثمنها كلنا، نريد مسؤولية وطنية تعرف ظروف الدولة الأردنية التاريخية والسياسية والاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية.