الانتماء الطبقي يظهر مجدداً في بريطانيا
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
قبل ربع قرن مضى، تحدث جون ميجور رئيس الوزراء في ذلك الوقت عن اقامة مجتمع بريطاني «خال من الطبقية»، لكن يبدو ان البريطانيين يتمسكون بشكل غريب بانتمائهم الطبقي. وتقليديا كانت المعادلة بسيطة في الانتخابات البريطانية العامة وهي ان الطبقة المتوسطة تؤيد لحزب المحافظين من اليمين الوسط، بينما تصوت الغالبية العظمى من ابناء الطبقة العاملة لصالح حزب العمال من اليسار الوسط. اما الصورة في بريطانيا المعاصرة فهي اكثر تعقيدا وتجلت في المحاولة الناجحة لرئيسة الوزراء المحافظة السابقة مارغريت تاتشر في جذب اصوات الناخبين التقليديين لحزب العمال، كما سعى الزعيم السابق لحزب العمال توني بلير الى الحصول على اصوات المحافظين.
لكن حتى في الحملة للانتخابات العامة 2015 فان قضايا الطبقية ليست بعيدة عن السطح، بينما يسعى السياسيون الى ان يظهروا انهم على تواصل مع الناخب «العادي».
وانتقد الكوميدي المناهض للراسمالية راسل براند هذا الاسبوع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على تويتر بسبب عضويته في نادي بولنغدون النخبوي عندما كان يدرس في جامعة اكسفورد.
وتعرض كاميرون للسخرية مجددا عندما اخفق في تذكر اسم فريقه المفضل لكرة القدم، وهذا امرا يعتبر اساسيا لاي شخص من الطبقة العاملة.
وفي مقابلة على موقع يوتيوب مع براند، تحدث زعيم حزب العمال اد ميليباند الذي يتحدث عادة بلهجة راقية، بلهجة ابناء الطبقة العاملة التي يتميز بها الفنان الكوميدي، وذلك في محاولة منه لجذب اصوات الشباب.
وكان ميليباند تعرض للانتقادات لأن منزله في لندن يضم مطبخين.
الا ان جيفري ايفانز خبير العلوم السياسية في كلية نوفيلد في جامعة اوكسفورد، اعرب عن اعتقاده ان الطبقية لم تعد ذلك العامل الحاسم في خيار الناخبين.
واوضح ان «الاحزاب الان لم تعد تتنافس على اجندة تستهوي الناخبين من الطبقة العامة او الطبقة المتوسطة».
اما جو تويمان رئيس الابحاث السياسية والاجتماعية في اوروبا والشرق الاوسط وأفريقيا في شركة يوغوف لابحاث السوق، فانه يوافق على ان الطبقات الاجتماعية -- التي تحددها في بريطانيا مجموعة من العوامل بينها الوظيفة والتعليم وليس المال فقط -- لم تعد عاملا قويا وحاسما في الانتخابات.
وقال ان «التقسيمات السابقة للطبقات الى طبقة عمال وطبقة متوسطة اختفى تقريباً مع مرور الوقت، والصناعات الثقيلة التي كانت تاتي منها غالبية اصوات حزب العمال لم تعد موجودة».
واصبحت بريطانيا الان بلدا مختلفا عن بريطانيا السابقة بتقسيماتها الطبقية الواضحة والتي كانت تسعى جاهدة الى الوقوف على قدميها ثانية بعد الحرب العالمية الثانية.
والمداخن المتسخة في البلدات الشمالية من البلاد لا تزال تقف شاهدا على قاعدة صناعية قوية حل مكانها اقتصاد يعتمد على الخدمات، بينما غيرت الهجرة الواسعة النطاق تركيبة البلاد بشكل نهائي.
لكن العائلة المالكة لا تزال على قمة الهرم الاجتماعي في بريطانيا، كما ان «الموسم» الاجتماعي للنخبة الثرية لا يزال يتمحور حول فعاليات مثل سباق الخيل الملكي وسباق القوارب بين جامعتي اوكسفورد وكامبردج وسباق هنلي للقوارب.
ولا تزال العديد من المناصب النخبوية حكرا على اشخاص تخرجوا من مدارس خاصة مثل ايتون التي درس فيها كاميرون.
وقالت بولا سوريدج المحاضرة في جامعة بريستول انه من المبكر استبعاد دور الطبقية. وترى ان الطبقية لا تزال تؤثر على فرص الاشخاص في الحياة وطريقة عيشهم.
وقالت «رغم حدوث بعض التغيير الاجتماعي، الا انه اقتصر على تقليص انعدام المساواة بشكل طفيف فيما يتعلق بالتعليم والوظائف والصحة».
اذن لماذا يتردد البريطانيون كثيرا في التخلي عن الطبقية؟
يقول تويمان «ان الامر اصبح الان يتعلق بالهوية اكثر من الفوارق الطبقية».
واضاف «اعتقد شخصيا ان الامر يتعلق بالعائلة المالكة (...) لا تزال لدينا العائلة المالكة، ولا يزال لدينا نظام اجتماعي راسخ، ولا نزال نتحدث عن سباق القوارب».
واوضح «يمكنني ان اقول ان النظام الطبقي جزء من الهوية الثقافية البريطانية. نحن نحب التقاليد ونحب الفخامة والابهة»