رسالة الى ام معاذ ..!!
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
لم أولد في العمر مجنونا , هي الأيام التي كانت حبلى بالجنون ...ولم أرسو على شاطيء إلا وجدته مثقلا بالوجع ...
أتذكر أني في صباي كنت مولعا بالإمام عبدالقادر الجيلاني , إمام القادرية وذات مساء زرت مقامه في بغداد ...قلت في داخلي :- إن الأولياء لهم بركات ..فدلني ايها الإمام على مرسى للقلب , لا أجده مثقلا بالأوجاع ..ولكني فوجئت بالمقام متعب وبالإمام متعب ...وبالتراب متعب , هل بغداد ولدت من دمع الماقي , أم أننا نحن المسكونون بالدمع والبلوى ؟
في عيد الأم , كنت سأكتب لأم معاذ , كنت سأقول لها أن إبنك الشهيد إسترد كربلاء فينا , وأن الكرك في لحظة كانت دمع فاطمة الزهراء , وصبر الامة ..كنت سأقول لها , أن الحسين المظلوم قد طاف يوم شهادة معاذ ..على عي وكأنها كانت (الطف) أو أن فلسطين إقتربت , وغسلت بدم الشهداء بعضا من تراب الجنوب ...كنت سأخبرها أن السادة الأطهار في مؤتة , يوم شهادة إبنك معاذ ...قد إستفزت مضاجعهم , وهم الذين إختاروا الكرك مستقرا لطهرهم ونبل الدماء التي فاضت في مؤتة , وأن تراب الجنوب ما عاد يقوى على لملمة عظامهم ...لعظمة الجسد ولحجم طهارته , ولأنهم عمالقة الأمة وسادتها ...
كنت سأخبرها أن معاذ لم ينتسب لغير جعفر الطيار ولغير عبدالله بن رواحة ...وأن سهل الكرك تعب من حمل ذكراه , فهو ملهم ومعلم وقائد , وهو الذي إسترد كربلاء ولكن الدم لم ينتصر على السيف هذه المرة ..وإنما هزم جسده النار ...
كنت سأكتب , عن سيدة ...تستفز المدى في الجنوب إن يممت شطر القبلة وأدت الصلاة في الهزيع الأخير من الليل ...وإن رفعت يديها إرتجت حجارة القلعة ...كنت سأكتب عن أم الشهيد , وكيف يشتاق الهواء في الكرك لأن يداعب خصلة من شيبها الأغن إن تمردت وخرجت من طرف المنديل وأسفل الجبين ...
كنت سأكتب عن أم الفدائي البطل ...عن (أم معاذ) وعن دمعة حرى سالت يوم إنتشر خبر شهادته من العين وأحرقت الخد , وكيف إستفزت تلك الدمعة ...صبر أبي ذر الغفاري كله , وهو يقف...وأعلن أن الزمن القادم للفقراء وحدهم للطيبين المغروسين في الأرض ...كنت سأكتب عن تلك الدمعة , وكيف أهتز ياسمين الشام لأجلها ..وكيف كبر نخل العراق ورمى (الرطب) على سفوح دجلة ..وأطعم الطير عن روح معاذ , وعمد الكرك مدينة للشهداء والصابرين ..بماء دجلة ..
كنت سأكتب للإمام عبدالقادر الجيلاني , واقول له أن في الطريقة القادرية ثمة مسحة عشق كركية , فبارك يا سيدي تراب الجنوب من أول حبة قمح حتى اخر نقطة صبر ..
كنت سأكتب ..ولكني خفت أن لاتصل بلاغتي , وطيب الحروف ..حد ذرة من كبرياء , سكنت أطراف قدم ( أم معاذ) ...خفت أن ينفجر غضبي وأنا الأردني بالحرف والسكون والهمزة ...خفت السجن والتهميش , وخفت الترصد ..وأنا كنت في صباي مثل حديد صبوه للتو لا يثنى ولا ينكسر ...
أما الذين يقيسون صبر أمهات الشهداء بالمكنسة الكهربائية وال(500) دينار فهؤلاء لايخافون ...ونحن الذين نكتب من دفقات الوريد صرنا نخاف الكسرة والهمزة والتأويل ..وقراءة الممحي , وحتى وضع السكون في غير محلها ...
سيدي وإمامي عبدالقادر الساكن في بغداد , ردني للزمن العباسي الذي كنت فيه ...وضع على رأسي عمامة الصبر العظيم ...وخذ القلب لشاطيء دجلة , لمكان رطب يظلله نخل بغداد ..مكان لا أرسو فيه على شاطيء مكلوم أو مثقل بالدمع ..خذني إلى هناك فأنا اشتاق للزمن العباسي ...للزمن الذي كان فيه الحرف موقفا والقصيدة سيفا ...واللغة العربية ترسا , خذني فقد اضناني وطني ..أتعبني حد القهر.