بالصور كلمة سعادة النائب يحيى السعود رئيس لجنة فلسطين النيابية في المؤتمر الدولي "القدس مدينة السلام " الذي يعقد في أنقره
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد واله وصحبه ومن والاه .
ايها الحضور الأجل...
يشرفني هذا المساء أن اقف في حضرة القدس، في حضرة أم المدن وسيدة المدن وأغلى بقاع الأرض مكانة وأكثرها غراما وأنا حين أتحدث عنها لا أتحدث من قبيل الموقع الذي أشغره في البرلمان الأردني وهو رئيس لجنة فلسطين ولكني أتحدث من قبيل أني رجل أملك قلبا عربيا مسلما يعشق تراب فلسطين ويؤمن كل الإيمان أن فجرا عربيا ومسلما سيأتي ذات هزيع أخير من ليل المنافي والتشرد والدم، فجر تعلن فيه القدس عن ذاتها عن هويتها , وتعلن للعالم أنها حرة وأنها فلسطينية وأن اقصاها مفتوح لكل مسلم كي يؤدي فيه الصلاة ويتوضأ بماء عربي ويستظل بزيتونة عربية ومفتوحة لكل مسيحي , كي يتعلم فيها التسامح والحياة .
السادة الحضور..
قال أحد الشعراء العرب يوما :- (بوصلة لا تشير للقدس كافرة) وإسمحوا لي أن أضم وجعي لوجع هذا الشاعر وأن اقول له , أن القدس يجب أن تكون حاضرة في كل إتجاه وكل صلاة وفي كل منهج وفي كل حراك سياسي وإذا قدر لي أن استخرج من تاريخ الأمة العربية والإسلامية بعض معاني الكفاح الحقيقية فسأبدا بسادتنا ال البيت بالشريف الحسين بن علي , الذي إختار ترابها مستقرا أخيرا والذي قاتل لأجلها ونفي , وتحمل تعب السنين وتحمل غدر دول إحترفت الغدر ..الحسين بن علي , سيد السيف والموقف وإمام الأئمة , والشهيد النبيل الذي ما ساوم على ذرة من ترابها , ولا رضي سوى صوت الأذان يعمر مداها ولكنه رضي النفي والتشريد على أن لا يقال أن سيد من ال بيت رسول الله من نسل الحسين تخلى عن رسالته أو عن جمر المواقف فكانت نهايته (كربلائية) تماما شهيدا منفيا غريبا , وأجزم أن تراب القدس رده من ليل المنافي , وأجزم أيضا أن فلسطين ستشهد له يوم الحشر بزيتونها وشهدائها وكل القباب فيها .
واسمحوا لي أن أتحدث عن عبدالله بن الحسين , شهيد محرابها والذي قدر له الله أن يستقبل الطلقة الغادرة على ثراها وأن يحتضن الأقصى دمه وأن تحتضن جبهته الغراء في يوم الصلاة ترابها الطاهر والمطهر ومع عبدالله بن الحسين النجيب والشهيد والقائد والمعلم نستذكر ثلة من جنوده الأردنيين غادروا ذات يوم كانت المعركة عنوانه الأوحد, منازلهم وأطفالهم، غادروا الأحلام والحقول التي كانوا يزرعونها، غادروا , زوجاتهم والصباح في قراهم ورحلوا إليها وغنائهم كان صوت الرصاص ليس إلا وإذا قرأتم تاريخ الجيش العربي الأردني فمروا على معركة إسمها باب الواد مروا على الأرقام , والاسماء والرتب وأقرأو عن الجيش الأردني قليلا كي تعرفوا أنهم في معركة واحدة فقط لأجل القدس لاجل باب من أبوابها إسمه (باب الواد) قد قتلوا (800) مرتزق من اليهود واقسموا بالله وبالقدس وببداوتهم أن لا يعبر واحدا منهم ولم يعبر، القدس ستشفع لهؤلاء الشهداء ستشفع للمئات لا بل للألوف من الأردنيين أفراد جيشنا العربي الأردني الذين سقطوا على بواباتها والقدس ستشفع للراحل الكبير الحسين بن طلال الذي أفنى العمر مدافعا عنها والقدس تعشق ملكي عبدالله الثاني بن الحسين ..الذي يسير على خطى جده وأبيه ..في غرامها والكفاح لأجلها وستنصفه القدس .
وأنا هنا حين أتحدث عن الأردن لا أقصد أنانية الخطاب , أو إختصار التاريخ في دولة , أو إحتكار الفداء ولكننا في الأردن , نتحدث عن عاصمة لقلوبنا كانت وما زالت نتحدث عن أرض قاتلنا لأجلها ونتحدث عن زيتون غرسناه في محراب أقصاها وما زال ينمو عجرفة على الجلاد .
ومن هذا المنبر إسمحوا لي سادتي أن لا أعرج على جرائم إسرائيل في القدس ذاك أن الحديث عن الرذيلة , يصبح في لحظة ترويجا لها والكلام هنا عن الطهر عن القدس وحدها , وما تعودت يوما كأردني وعربي ومسلم وإنسان أن الوث طهر المناسبة بالحديث عن رذيلة إسمها إسرائيل .
إن الواجب الديني والأخلاقي والإنساني , يحتم علينا أن نرحل إليها وأن لا نترك للأقدام الغريبة حرية دوس ثراها , لأن القدس تعشق كل قلب مؤمن وحي والقدس هي ليست مدينة هي حالة إلهام عالمية هي جزء من روح الإسلام السمح , وهي الملتقى لكل اشكال التسامح في هذا العالم .
أني أؤمن أن تركيب المواقف السياسية , في الدعوة للذهاب للقدس أو شد الرحال للأقصى , هي في لحظة ضرب من تطرف الموقف ليس إلا , ذاك أن الغاية من شد الرحال ليست غاية تطبيعية , أو تحمل إعترافا بهوية مجرم , بقدر ما هي تثبيت لإسلامية المدينة وعروبتها وقد تعلمنا في الإسلام شيئا مهما وهو النية ( إنما الأعمال بالنيات) وحين تكون نية المسلم صافية خالصة هدفها الصلاة وتثبيت الهوية فهل نلومه على ذلك أم نكافأه .
لقد استمعت لدعوات غريبة ممجوجة أحيانا , ومستهجنة أحيانا أخرى ترفض وتمنع شد الرحال للقدس , يغلف هذه الدعوات موقف سياسي أحيانا وموقف تخويفي أيضا وفي بعض المرات موقف ايدولوجي, ولكن للأسف هذه الدعوات تنسى في لحظة من لحظات التأمل والتفكر , أن فطرة العربي وفطرة المسلم لم تقبل بإسرائيل ككيان على تراب عربي مسلم وأن هذه الفطرة هي ذاتها التي رفضت كل محاولات هذا الكيان في أن يكون جزءا من إقليم مسلم وعربي .
إنني أدعوا بكل ما في جوارحي من اشتياق للقدس بأن يكون هناك فتوى شرعية في هذا الجانب يرافقها دعوة سياسية أيضا وأدعوا المثقفين المسلمين والشعراء والصحافيين والنخب الإجتماعية والسياسية لأن يكون لهم موقف واضح من هذه المسألة وأن يعلنوا هذا الموقف ولا يختبئون خلف ستار الخجل أو الاتهام ...
السادة الأحبة ..
الأحلام لا تبقى أحلاما وذات يوم سيتحقق الحلم فعلى مداخل الأقصى سنرى جباها مسلمة, وستزول الحواجر , وسيثمر الزيتون مرة أخرى وفي كل حبة سيكون هناك قنديلا يضيء دروب الصلاة ودروب الحياة، ستعود القدس لأمتها الإسلامية , ستعود حالة إلهام ومحبة وتسامح ...
وعاشت فلسطين حرة عربية مسلمة
عاشت القدس ..عاش الأقصى شامخا صادما ومحجا لكل مشتاق وطالب مغفرة
والويل لكل مرتجف لكل خائف ولكل متردد
النائب يحيى السعود