مهباش سويلم .. التعليم
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
لم يَعْتد أنْ يَتَأخّر عن الحِصّة الاولى ولكنَّ ليلته السَّابقة كانت حافلةً بالدِّراسَة فَطَالَ سَهره بِعَناء فَهْم الدّرُوس وانْجِازِ الواجبات والتحضير ليومٍ يُقالُ تعليمي ....
رَجَع الى بيته وبعد أنْ وَضَع شيئاً خفيفاً من الطعام في جوفهِ أسْقطهُ النُّعاس أرضاً..كانت السّاعة الثامنة مساءاً عندما نَهض وقَضَى ما فاتهُ من صلوات بعدها تَناول كِتاب مادة الرياضيات..ثم أتّجه في مسألة رياضية الى أبيه القابعُ في ركنه المفضل يَستمع الى تعليماتٍ بِخُصوص امْتِحان شِهادة الدّراسة الثانوية العامة من مسئول ما في وزارة التربية والتعليم , تنحّى الوالد بعيداً ثم بدأ يشرحُ وَيُجيبُ أسئلة ابْنه التي أثارت دهشته حين كانت في مستوى أقل بكثير من مستوى طالب في هذه المرحلة يلاقيه اختبار وزاري حاسم بعد سنة من الان..ثمُّ رَاود الوالدُ الفُضولَ بِطَرْحِ اسئلةٍ بديهيةٍ بالتّاريخِ واللغة العربيّة والانجليزيّة...كَتَمَ غَيْضهُ من سُخف الاجوبة ونقصِ المعلومة فأكمل على مضض....
في صَبَاحِ اليوم التالي رافق ابنه الى المدرسة , التقى مع مُديرها الجديد ثُمّ مع معلّمي ابنه وحَاوَرَهُم في مواضيعَ مختلفةٍ في نقاشٍ طويلٍ ثُمّ سأل عن مستوى ابنه حيثّ أنّ بَعضهم أشاد وأخرين لم يتعرفوا على ابنه أصلاً .....
عَادَ الى المنْزلِ ثُمّ أخَذَ دفترَ مُذكراتهِ وكَتب :
اليوم ذهبتُ الى مدرسةِ ابني حيْثُ قابلتُ المديرَ و بعض معلِّميها المُبَجلينَ وأسْتخلصتً الى الامورِ التالية:
اولاً: مديرُ المدرسةِ الجديد , كان أحدَ زُملائي في مقاعد الدراسة ولَا أظنُّ ان هناك وسيلة غش بقيت من شره في زماننا الا وأستخدمها ... لم يعرف حتى عدد الطلاب الذين سيتقدمون لاختبار امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة هذه السنة ... فخشيت أن ارهقه بأسئلة اخرى....
ثانياً : بعد أنْ اسْتطعت حضور حِصة في اللغة الانجليزيّة تَبَيّنً أنّ ابني هو الطالب الوحيد الذي كانَ يُشارك معلمه الحِصّة في حينِ أنَّ معظم من في الصف كانوا في حالة شرود ذهني (صفْن عجيب) حيالَ ايّ سؤالٍ يطرحهُ المعلم على أحدهم .....انتهت الحِصّة ثم غادرالموقع مسرعاً لم يعر فيه انتباهاً على الاطلاق لمستوى الطّلاب المتردي و حتى لضيف الحصة... انتظرت قليلاً وتحدثت مع طلاب الصف في الوقت الذي طلب فيه أحد الطلاب الحديث حيث قال لي بنبرة لا مبالاة : يا أستاذ اخي أنْهى الدّراسة الجامعيّة بِتَخصّص الهندسة مِنذُ ثلاثِ سنواتٍ ولم يجد عملاً حتى اللحظة...وهو يُساعِد الان ابي في محل الخضار... خَرجتُ منْ فوري لالْحَق المُعلَم فوجدته قد جلسَ تحت شُجيرة على بابِ المدرسة مع أحد سائقي الأجرة (التاكسي) يسلّمه الأخير (غلة) الاسبوع انْ صدق بصري وسمعي حين علا صياحهما قليلاً.....
ثالثاً: قال لي مُعَلّم اللغة العربيّة أنّه ليس متخصصاً في تدريس مادة اللغة العربية حيثُ أنّ مادتهُ هي الثقافة الاسلامية... اذْ تفتقد المدرسة لمُدرّس العربية منذ فترة.
رابعاً : لم يُسعفني الحظّ بِمقابلة مُعلّم مادة الحاسوب حيث وكما أُخْبرت أنّه يرقد على سرير الشفاء منذ قرابة الثلاثة اسابيع...
خامساً : حينَ دَعاني فُضولي للأطّلاع على بَعض بَرامجِ الصفوفِ الاخرى لاحظتُ أنَّ حِصّة مادة الرياضيات كانت الحصّة الخامسة واللغة الانجليزية كانت السادسة ... بل أنّ حِصص مواد الرياضيات والحاسوب والفيزياء كانت متوالية..... فأدركت كم تعب المُعِدّون على هذه البرامجّ!...
سادساً : كانت دَرجة حرارةِ الغرفة الصفيّة متدنية والبرد شديد وهناك نوافذ محطّمة كمقاعد الطلبة وهناك مِدفأة تم جلبها الى الصف الدراسي كضيافة شخصية لي......
سابعاً
ثامنا:باتَ مؤكّداً أنَّ ما رأيتهُ اليومَ بأُمِّ عَيْنيَّ من فوضى تعليمية وتربوية قد حَسَمَ نتيجةَ ابني مسبقاً في امتحان شهادة الدراسة الثانية العامة العام المقبل...
أغْلَق مُذكراته ثم تَحدَّثَ الى زوجته : عِنْدما حضرت حِصّة اللغة الانجليزية هذا اليوم سَمعتُ رَنَّات الهواتفِ الخلويّةِ تَصْدحُ في أرْجاءِ الصف و بما أنَّ شَرُّ البَليَّة ما يُضحك فقد اسْترعى انتباهي نغمة لاغنية تراثيّة أردنية تقول : (دق المهباش يا سويلم) ... فظننتُ بُرهةً أنّ أحداً يُمازِحُني بها حيث عانقت اسْمُ الدّلع القديمِ خاصتي في ذكريات مُغنّية كان والدي يشرد ذهنياّ (يصفن) بها كثيراً....
عبد الهادي شنيكات