بـيـن الـمـلـك والأمـيـر
جراءة نيوز - اخبار الاردن -
كتب: أسامة الرنتيسي
أن يترك أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بلاده في أوج الاحتفالات بالعيد الوطني والتحرير ويزور الاردن، فهذا يكشف عن عمق العلاقة بينه وبين جلالة الملك الذي أسرّ للصحافيين الاردنيين ــ بعد إلقاء كلمة الأردن في القمّة العربية في الكويت العام الماضي، وحضوره مباشرة من قمة دولية في سويسرا التي كان يحضرها أكثر من 50 زعيما ــ ان سبب حضوره السريع، هو التقدير العالي الذي يُكنّه لأمير الكويت.
قد تكون العلاقات الأردنية الكويتية من أكثر العلاقات العربية العربية حميمية، والعلاقة الشخصية بين جلالة الملك وأمير الكويت نموذجية إلى درجة لا يمكن للسياسيين تفسيرها، مثلما يرى ذلك السفير الكويتي في عمّان، الدكتور حمد الدعيج.
اليوم؛ تستقبل عمّان أمير الكويت، رئيس القمة العربية، القائد الانساني الذي توجته منظمة اﻷمم المتحدة قائدا للإنسانية، نظير دوره الانساني والتنموي الذي قدمه إلى شعوب العالم، في المؤتمرات الدولية التي احتضنتها الكويت، وفي الوصول الكويتي إلى مناطق في العالم تحتاج إلى معونة ومساعدة.
التنسيق الأردني الكويتي يأتي انسجاما مع شعار القمة العربية في الكويت "قمة للتضامن من أجل مستقبل أفضل"، بعد سنوات من الفوضى مزّقت الجسد العربي، وارتبطت معظمها بتداعيات الربيع العربي، الذي يروق للمشككين ان يصنفوه خريفا، وانه مؤامرة جديدة على العرب، يريد تمزيق دولهم أكثر ممّا هي ممزقة.
تعرف الكويت جيدا ان الشعوب العربية فقدت الثقة بالنظام الرسمي العربي، بعد العطب الشديد الذي اصاب بنيانه، لكن الدبلوماسية الكويتية، التي تعتمد على التوازن وممارسة الحياد الايجابي من الصراعات العربية عموما، والخليجية خصوصا، تأمل ان تحقق هذه السياسة شيئا من التضامن حتى تضمن مستقبلا افضل للاجيال القادمة، ولهذا؛ فانها تضع كامل ثقلها من اجل إحداث نوع من المصالحة الحقيقية بين الدول المتنازعة، كالأزمة المصرية القَطَرية، وازمة دول الخليج.
بإمكان الكويت الاستعانة بالدور الاردني الذي حافظ أيضا على توازنات مهمة، وعلاقات مستمرة مع الدول العربية جميعها، من دون تدخل في الخلافات العربية العربية، إلّا في ما يوفّر تحسينا لهذه العلاقات، وبالضغط الكويتي الاردني، من الممكن ان يتم تجاوز بعض الخلافات، للوصول إلى قواسم مشتركة أكثر بين الدول العربية مجتمعة.
في الملفين السوري واللبناني؛ بامكان الاردن والكويت تكريس الحل السياسي، وفي الملف العراقي تلعب الدبلوماسية الاردنية والكويتية دورا ايجابيا في انهاء سياسة الاقصاء والطائفية التي أضرّت بالعراق كثيرا، وفي القضية اليمنية، لا توجد أبواب لا للحوثيين، ولا للشرعية إلّا التوجه للاردن والكويت التي ساهمت في السنوات الماضية بتحسين الاحوال الاقتصادية في اليمن من خلال الاستثمارات الكويتية والدعم المتواصل للجامعات والتعليم، بصيغة مختلفة عن الدعم الخليجي عموما، وهذا ما يُقدِّره اليمنيون عاليا.
قد لا تمتلك الكويت والاردن عصا سحرية لتجاوز الخلافات العربية، التي خرجت عن إطار الخلاف في الرأي السياسي، إلى خلافات عميقة وصلت إلى المقاطعة، والمشاركة في إثارة الفتن والصراعات بين الدول، لكن بامكانهما الوصول الى الحدود الدنيا من لملمة الشمل العربي، بوقف المعارك الاعلامية المستعرة على شاشات فضائيات الدول المؤثرة، أي، بمعنى تخفيف لغة الخلاف، خاصة في الخلافات بين دول الخليج، والضغط على قَطر لترشيد إعلامها.
الكويت، من أنشط الدول العربية في العمل البرلماني وأعرقها، لكن فيها سيل من الاشاعات، وفيضان من التغريدات الموجهة والخبيثة، كما فيها أصابع تتحرك بايعازات خارجية، لكن القلقون على الكويت وتجربتها، يعرفون الحكمة المتزنة والدبلوماسية الهادئة التي يتمتع بها "العود"، كما يُعرِّفون شخصية رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، الهادئة والحازمة، والمحسوبة على التيار التوحيدي، الذي يرفض الصراعات على السلطة، ويرفض الدخول في اصطفافات مراهقة.