هل أصبحت الحرب البرية على الأبواب؟

جراءة نيوز - اخبار الاردن -

محمد علاونة

تطورات الساعات الأخيرة وإعلان منسق التحالف الدولي الجنرال جون ألن أن هجوما بريا سيبدأ قريبا ضد تنظيم الدولة، تقوده قوات عربية عراقية بإسناد من دول التحالف مع تجهيز 12 لواء عراقيا تدريبا وتسليحا، تمهيدا للحملة البرية، يثير تساؤلا إن كان خيار دخول الأردن في حرب برية أصبح وشيكا.
لكن ما شكل تلك الحرب؟ وكيف ستكون؟ ولا يكفي قراءة تفاصيلها بوصول سرب من الطائرات المقاتلة "ف 16 " من القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي بمرافقة طاقم كامل من الطيارين والفنيين والمعدات وطائرات التزود بالوقود جوا وطائرات النقل الاستراتيجي "سي 17"، أو نية بريطانيا إرسال مستشارين عسكريين بدفعة أولية من نحو ستين مستشارا ومخططا عسكريا سينضمون إلى مقر التحالف الجديد الذي سوف يتولى تنسيق الدعم للقوات العراقية والكردية.

صحيح أن درجة التأييد الرسمي والشعبي تجاه دخول الأردن بتحالف دولي تقوده أمريكا ضد "الإرهاب" لم تصل إلى المستوى الذي وصلت إليه الآن بعد مقتل الطيار معاذ الكساسبة حرقا، في المقابل سيبقى الشارع يسأل عن تفاصيل الحرب والأضرار رغم خفوت الأصوات التي كانت ترفع شعار "الحرب ليست حربنا" قبل اعتقال الطيار وقتله.

ما نقلته صحيفة صنداي أكسبرس عن مصدر عسكري بريطاني أن طائرات من دون طيار تابعة للجيش الملكي ووحدات تشويش إلكترونية من سلاح الإشارة ستكون من بين الوحدات التي سوف سيتم نشرها بحلول نيسان المقبل، يشي بأن الشهر المذكور سيكون نقطة البداية، أما ما ذكر عن نشر سلاح الجو الملكي البريطاني طائرة التجسس "آر1" لملاحقة قادة تنظيم الدولة يمكن أن يستدل منه أن الأردن سيرجح العمليات النوعية كما فعل عندما لعب دورا رئيسا في مساعدة المخابرات الأمريكية في مطاردة وقتل أبي مصعب الزرقاوي، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق.

يمكن استبعاد أي تدخل عسكري بري في سوريا على الأقل في الوقت الراهن، ذلك يمكن استنتاجه من تصريحات منسق التحالف ألن الذي المح إلى أن التحالف يقوم بدعم العشائر العراقية الآن، وفي رده على سؤال قال "لدينا شريك في العراق وليس لدينا شريك في سوريا في حربنا على الإرهاب".

الملك عبد الله الثاني قال في مقابلة مع شبكة (سي. بي. اس) في كانون الأول "أعتقد أنه في نهاية المطاف، سواء في العراق أو سوريا، لا بد أن تنفذ هذه المهمة من قبل السكان المحليين أنفسهم. لكن تزويدهم بالعتاد والدعم مسألة أخرى"، تسائل "كيف يمكن تأمين الدعم لهم على أرض الواقع. هناك الآن هجمات جوية. هناك أسئلة: هل نؤمنهم بالدعم جوا، أم برا؟ كيف يمكن أن نحميهم وندعمهم؟ أعتقد أن هذه هي القضايا التي سوف تُبحث. ولكني لا أريد لأي شخص أن يظن أن أي طرف منا يتحدث عن إرسال قوات برية لحل المشكلة، ففي نهاية المطاف، على السوريين وكذلك العراقيين أن يحلوا المشكلة بأنفسهم".

يقول روبرت بليشر، مدير برنامج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية في تصريحات سابقة "من المعروف أن المخابرات الأردنية لديها شبكات في العراق منذ عام 2003 (وهي سنة الغزو الأمريكي) وحتى الآن وإن الأردنيين لديهم اتصالات جيدة، وقد جربنا استغلالها من قبل، وسوف تضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى".

ربما الولايات المتحدة تحتاج في الوقت الحالي أكثر من العمليات الاستخبارية، فهي بحاجة إلى علاقات الأردن مع القبائل السنية العراقية المتحالفة مع تنظيم الدولة، يمكن التذكير أنه وخلال الحرب العراقية، تمكنت أمريكا من تحويل تلك القبائل ضد القاعدة في العراق وحصلت على دعمها للقتال مع الأمريكان، وكان ذلك ركنا أساسيا في الإستراتيجية التي ساعدت في نهاية المطاف على هزيمة الجماعة "الإرهابية" ولو مؤقتا.

في سياق التحليل، يمكن القول إن هنالك خطوات سريعة للتواصل مع العشائر العراقية وتزويدهم بالدعم اللازم مع استمرار الحملات الجوية التي يمكن أن تزداد كثافة خلال الأيام القليلة الماضية مع التركيز على عمل نوعي استخباراتي يمكن أن يصل لقيادات في تنظيم الدولة.

يبقى السؤال بما يتعلق بالكلفة المالية أو المعنوية للانخراط في عمليات جديدة وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء عبد الله النسور خلال اجتماع اللجنة المالية النيابية الذي استبعد إمكانية تلبية المخصصات المالية التي طلبتها القوات المسلحة والبالغة 2.5 مليار دينار، بين أن "حاجة القوات المسلحة إزاء ما يجري في الإقليم هائلة جداً"، وإن ما أمكن تلبيته للقوات المسلحة أقل من مليار دينار، في حين أن حاجتها إزاء ما يجري في الإقليم أكبر من ذلك بكثير.

الخلاصة، ملف الحرب بشكل عام سيبقى مفتوحا على مصراعيه بانتظار أي تطورات جديدة على الأرض، سواء كانت قصفا إضافيا أم تحركات برية أو تشكيل خط إمداد للعشائر العراقية في عملية لوجستية يمكن أن تكون معقدة والأهم من ذلك إن كانت الحملة ستقضي على تنظيم الدولة وتكون مجدية كما يتوقع المسؤولون أم ستصبح العملية مثل الدخول إلى عش الدبابير اعتمادا على مقولة "ومع هذا.. لابد مما ليس منه بد". 

السبيل