واشنطن تتراجع عن تقييد التخصيب النووي باتفاقية التعاون مع الأردن

وكاله جراءة نيوز - عمان - قال مسؤول أميركي إن إدارة الرئيس أوباما تراجعت في مراحل متقدمة من المفاوضات الخاصة باتفاقيات التعاون النووي مع كل من الأردن وفيتنام عن طلبها الخاص بالتنازل عن حق هذه الدول في إنتاج الوقود النووي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية بقلم كبير مراسليها للشؤون الاجنبية جي سولومون ، فان هذا التحول في السياسات جاء عقب انتقادات من بعض المشرعين الأميركيين والذين اكدوا ان الشروط الاميركية ستؤدي لتسهيل انتشار التكنولوجيا النووية الحساسة.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي اوباما قد وقعت اتفاقية تعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2009 مقيدة بشروط عدم تخصيب اليوروانيوم أو إعادة معالجة الوقود المستنفد – البلوتونيوم- حيث أن هذه التكنولوجيا يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة الذرية.
وكان اوباما قد اعلن ان الاتفاقية الموقعة مع دولة الإمارات العربية المتحدة هي «المعيار الذهبي» بالنسبة للاتفاقيات التي ستوقع في المستقبل، وقد استخدمت واشنطن هذه الاتفاقية للضغط على إيران بخصوص برنامجها النووي، داعية طهران الى إتبّاع الإمارات واعتماد السوق الدولي للحصول على الوقود النووي.
وخلص مسؤولون أميركيون معنيون بمراجعة السياسة الأميركية بحسب الصحيفة الى أن معظم البلدان لن تكون قادرة على إتباع النموذج الإماراتي مما يؤدي إلى الإضرار بالمصالح الأميركية، مؤكدين ان واشنطن تخاطر بفقدان الشركات الأميركية المعنية ببناء المفاعلات النووية أعمالها في الخارج، مما سيقلل بشكل كبير من قدرتها على التأثير في سياسات منع الانتشار النووي في البلدان النامية.
وكتب الين توشر ودانيال بونيمان مسؤولا الطاقة النووية في وزارة الخارجية الاميركية للكونغرس تقريرا هذا الشهر بما يخص منع الانتشار النووي جاء فيه ان «التجارة النووية تحمل في طياتها بشكل حاسم ميزة منع انتشار الأسلحة النووية، جنباً إلى جنب مع غيرها من الفرص للتأثير على السياسات النووية مع شركائنا». مضيفين ان «الشركات الأميركية تتحكم بما لا يقل عن 50% من السوق العالمي في مجال بناء المفاعلات النووية، وان هذه النسبة قد انخفضت إلى 20% في ظل وجود شركات من فرنسا وكوريا الجنوبية والتي بدأت تكتسب الهيمنة».
وأكد المسؤولون المعنيون بمراجعة السياسات الأميركية «فانه بقدر ما نفقد حصتنا في السوق العالمي، فإننا نفقد ضوابط منع الانتشار النووي مما يضر بالأمن القومي» .
وجاء بتقرير الصحيفة الاميركية ان إدارة اوباما تسعى للحصول على أدوات أخرى لتأكيد الدول النامية لشراء الوقود النووي من دول مزودة بدلاً من تطوير التقنيات اللازمة لإنتاج الوقود النووي بأنفسهم.
وتتضمن هذه الآليات دعم الأمم المتحدة بالرجوع إلى البنك الدولي للوقود النووي، وبالتعاون مع روسيا على تزويد العالم باليوروانيوم منخفض التخصيب، والذي يفيد في إنتاج الطاقة وليس في إنتاج أسلحة الدمار الشامل، وتشديد الالتزامات التي تضبط التجارة العالمية لمزودي الوقود النووي، الهيئة الرسمية التي تشرع هذه الصناعة».
وذكر التقرير انه «بالإضافة إلى المفاوضات مع كل من الأردن وفيتنام فان وزارة الطاقة قد بدأت بإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة في عام 1970 مع كل من كوريا الجنوبية وتايوان والتي من شانها أن تنتهي في السنوات المقبلة.
فهذه الاتفاقيات، والتي تم توقيعها بشكل قانوني تتطلب موافقة الكونغرس. «
وذكرت الصحيفة نقلا عن اعضاء بالكونغرس انه «في حين يشدد صناع القرار في أميركا على مخاوفهم، بان المفاوضات مع الأردن قد تسفر عن توقيع اتفاقية يتم من خلالها السماح للأردن بإنتاج الوقود النووي، فان ذلك قد يشكل خرقاً وتأثيرا على الشرق الأوسط».
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي ان الاتفاقية الموقعة مع دولة الإمارات العربية المتحدة يتيح لها في حال وقعت دولة أخرى شرق أوسطية على تسهيلات أكثر وبشروط أفضل، بإعادة الصياغة وتعديل الاتفاقية المبرمة مع أميركا، وعليه فان دولة الإمارات العربية المتحدة تنتظر بنود الصفقة الأردنية قبل اتخاذ قرار بشان ذلك في المستقبل.
وصرح مسؤول دبلوماسي عربي للصحيفة بأنه قد تم توقيع مذكرة تفاهم بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ، وان السعودية قد تبنت الموقف الأردني الخاص بشأن تحفظاتها الخاصة بالتخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم.
كما كتب الين توشر ودانيال بونيمان للكونغرس هذا الشهر بحسب ما ذكره سيناتور ولاية إنديانا و الجمهوري البارز في مجلس الشيوخ الأميركي ريتشارد لوغر انه «يمكن لهذه السياسة أن تفتح المجال لدولة الإمارات العربية المتحدة بإعادة النظر بموضوع تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، إن لم توافق الأردن أو أي دولة أخرى بالمنطقة على ظروف وشروط مماثلة «.
وعارض السيناتور لوغار اتفاقيات التعاون النووية التي لا تتماشى مع نموذج الاتفاقية مع دولة الإمارات، مؤكدا عزمه الدعوة لعقد جلسات استماع بشأن التحول في سياسة إدارة اوباما، بحسب تصريحات ادلى بها.
وقال مسؤولون أميركيون بأنهم لا يستطيعون مناقشة وضع المفاوضات مع الأردن أو أي دولة أخرى.
كما ذكر مسؤولون في الكونغرس بان المفاوضات مع فيتنام ايضاً لها اثر واضح على قضية عدم انتشار الأسلحة النووية في قارة آسيا.
وكانت كوريا الجنوبية قد بدأت بإعادة النظر في اتفاقية التعاون النووي المبرمة في عام 1974 مع الولايات المتحدة ، لكن حصولها على موافقة واشنطن على إعادة معالجة الوقود المستنفد باستخدام تقنية تسمى
 «pyroprocessing» ، جعل مسؤولي كوريا الجنوبية يشددون على احتياجات بلادهم لاستخدامهم هذه التقنية للتخلص الآمن من الوقود المستنفد والقادم من الدول النامية والتي بدأت بالصناعات النووية.
في غضون ذلك اكدت الصحيفة ان «نواب وخبراء منع انتشار أسلحة الدمار اعربوا عن مخاوفهم المتعلقة بالتساهل الأكثر فيما يخص باتفاقيات التعاون النووي مع الأردن وفيتنام مما يقوض الحملة لاحتواء البرنامج النووي الإيراني».
فيما أكدت كل من إدارتي الرئيس اوباما والرئيس السابق جورج دبليو بوش بان طهران لا تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم على أرضها وذلك لإمكانية شراء الوقود النووي من الأسواق العالمية .
الى ذلك اوردت الصحيفة على لسان المدير التنفيذي لمركز سياسات التعليم النووي هنري سوكولسكي «إذا سمحت الولايات المتحدة لكل من الأردن وكوريا الجنوبية وفيتنام بتصنيع الوقود النووي لديها فعليها أن تودع أي محاولة لإقناع إيران بالتخلي عن حقها في تصنيع الوقود النووي» .