العين الرفاعي: الوضع الاقتصادي مقلق..ويجب وقف تدفق اللاجئين
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قال رئيس الوزراء الأسبق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان سمير الرفاعي أن الأردن استطاع بحنكة وحكمة جلالة الملك عبد الله الثاني وبكفاءة مؤسساتنا الوطنية ووعي المواطن وما امتازت به المعارضة الوطنية من حس بالمسؤولية من تجاوز التحديات التي أدت إلى انهيارات في منظومات الأمن الإقليمي.
وأضاف الرفاعي خلال محاضرة ألقاها في كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية اليوم بحضور رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت ورئيس الجامعة الدكتور اخليف الطراونة أن الأردن تمكن في هذه البيئة المضطربة من تحقيق إصلاحات سياسية مهمة وأن يحدد اتجاهه وخياراته وإجراء الاستحقاقات الدستورية والقانونية الديمقراطية بالحد الأعلى من النجاح
وحدد الرفاعي التحديات التي تواجه الأردن داخليا وخارجيا لتشمل الأوضاع السياسية الأمنية في دول الجوار وتطورات الأزمة السورية، وضعف الواقع العربي وتبدل سلم اولوياته وتراجع التضامن العربي، والتطورات الأخيرة على صعيد التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية، وتهديد المنظمات والجماعات الإرهابية المتطرفة، والتحدي الاقتصادي الداخلي وواقع المالية العامة للدولة وتراجع الاستثمار، وتراجع دور الطبقة الوسطى وقدرتها على القيام بدورها الوطني والريادي، وتراجع الشعور لدى المواطنين بالعدالة التنموية خصوصا في المحافظات.
وأشار الى أن الأردن استطاع ان يحافظ على موقفه الوطني والقومي والابتعاد التام عن أي تدخل في الشؤون الداخلية للأشقاء وكان الموقف الاردني تجاه الوضع في سوريا، فالاردن ما زال حريصا على إدامة العلاقات العربية الأخوية مع دول الجوار التي تربطه معها روابط تاريخية ومستقبلية ومصالح مشتركة.
وقال أن للأردن مصلحة كما لسوريا في وحدة الاراضي السورية وسلمها الاهلي واستقرارها وازدهارها، إلا انه وجد نفسه امام استحقاقات صعبة وكبيرة وفي مقدمتها ملف اللاجئين السوريين وبكل ما يترتب عليه من تبعات اقتصادية واجتماعية وأمنية مع تنامي حالة من التذمر والقلق لدى الأردنيين عموما من عدم وجود آفاق قريبة لأي حل ولعودة الأشقاء السوريين لبلدهم.
وزاد الرفاعي لقد كان واضحا منذ البداية أن الأزمة السورية ستطول، وأن الحسم العسكري الميداني غير وارد ولا حل لها إلا سلميا وبعملية سياسية ترعاها وتتوافق عليها الأطراف الدولية والاقليمية والمحلية، ولكن يبدو إن الحل السلمي السياسي للأزمة السورية ما زال بعيدا وبالتالي فلا بد لنا من التعامل مع ملف اللاجئين بالقدر الأكبر من الوضوح والحسم وقبل اي شيء لا بد من وقف فوري لعملية التدفق او التسرب باتجاه الاردن وكذلك وقف عمليات التسلل من المخيمات المخصصة الى المحافظات التي باتت تشكو من ضغط اللاجئين ومنافستهم للأهالي بفرص العمل والبنية التحتية وما إلى ذلك.
وتابع الرفاعي وفي ذات السياق فإن موقف الدولة الاردنية المنسجم مع ثوابتها ورسالتها لا يمكن الا ان يكون في الخندق المضاد للإرهاب والفكر التفكيري، أينما كان ومهما كانت عناوينه ومبرراته، فقيادتنا الهاشمية تجسد منذ فجر التاريخ الاسلامي عنوانا للاعتدال والتنوير والانفتاح واحترام القيم الانسانية والحوار، وهذا يستدعي إتخاذ كافة الإجراءات لتدعيم مناعة المجتمع الأردني ضد هذه الثقافة الطارئة وتأهيل المؤسسة الدينية الاردنية للقيام بدورها التنويري وكذلك بتطبيق القوانين التي تحد من هذه الظاهرة وتمنع انتشارها وكلنا ثقة بقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في قدرتها على الدفاع عن الاردن وامنه واستقراره.
وعلى صعيد التضامن العربي قال الرفاعي فان التحدي الكبير للاردن يتمثل بغياب السند العربي القوي والمؤثر للاشقاء الفلسطينيين في مسعاهم الى التوصل لتسوية عادلة واقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، عاصمتها القدس الشريف، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ضمن اطار الشرعية الدولية وقراراتها على ان يشمل هذا الحل جميع اللاجئين في الاردن وسوريا ولبنان وغيرها وكذلك حقوق الدولة المضيفة فالأردن له حق التعويض عن كلفة استضافة اللاجئين دون التعارض بين حقوق الأفراد وحق الدولة المضيفة.
ولفت الرفاعي الى ان للاردن ازاء قضية فلسطين بالاضافة الى الالتزام القومي كونها في الاصل قضية عربية التزاما خاصا بحكم الجوار والعلاقة التاريخية الخاصة بين الأردن وفلسطين لذلك فلكل واحدة من قضايا الحل النهائي (الحدود، القدس، اللاجؤون، الامن، المستوطنات)، بعد اردني، ولا يقبل الاردن اية تسوية تهدد مصالحه الوطنية العليا.
وقال لقد وقف جلالة الملك عبد الله الثاني موقفا صلبا وحاسما إزاء حماية حقوقنا المترتبة على التسويةن واكد جلالته مستثمرا جميع المنابرالدولية المتاحة وفي زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الامريكية ولقاء القمة مع الرئيس اوباما على ضرورة ان تأخذ اية مبادرة او عملية سياسية بعين الاعتبارالمصالح الأردنية العليا، والحقوق الفلسطينية التاريخية وفقا للشرعية الدولية وقراراتها ومرجعيات العملية السلمية، وتقوم الدوبلوماسية الأردنية بجهود حثيثة ومكثفة للدفاع عن المصالح الأردنية والاطلاع عن كثب على كافة التطورات والمسارات لضمان مصالح الأردن في أية تسوية.
ودعا الرفاعي الى تمتين الجبهة الداخلية، ومواصلة طريق الاصلاح المتدرج الامن والمتفق عليه، ضمن عملية سياسية تكفل شراكة جميع القوى السياسية الفاعلة، وترفض منطق الاستفراد مع استمرار قنوات الاتصال واللقاءات والتشاور مع مختلف مكونات الساحة السياسية وتجديد اليات الحوار، ومع وجود دور طليعي متقدم للبرلمان الاردني في عملية الحوار الوطني، وتحديدا في القضايا التشريعية، وعند النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية والحريات العامة
وقال الرفاعي يبقى التحدي الاقتصادي هو الاصعب والاكثر ارتباطا بواقع الاردنيين الاجتماعي ومستوى حياتهم ودور الطبقة الوسطى ومستقبل التنمية وعدالة التوزيع وواقع المحافظات لافتا الى إن دراسة متخصصة للدين العام خلال الثلاث سنوات الماضية ستكشف بجلاء أن الدين العام قد ازداد من 11.5 مليار دينار الى ما يزيد عن 19 مليار دينار وهي زيادة مرشحة للارتفاع الى ما يزيد عن 21 مليار، نهاية العام الجاري وهذا الواقع مقلق بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ولا يمكن ابدا القبول بالاستمرار في هذا النهج ..كما ان التعامل مع هذا الوضع الخطير من تزايد المديونية لن يؤدي الى تجاوز الحدود الامنة للدين العام فحسب بل الى ما هو اخطر من ذلك واعني هنا قدرة الاردن على الاستمرار في تمويل عجز الموازنة المستقبلي، ومن موارد جديدة وبشروط ميسرة او تفضيلية.
واضاف إن مثل هذا الوضع الخطير، يستوجب جهدا اضافيا لتحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة الاستثمار للسنوات القادمة، وكذلك الى بذل جهود وغير تقليدية مع الدول المانحة والشقيقة لشطب الديون من قبل البعض وسداد ديون المملكة للاخرين من قبل البعض الاخر حتى لو كان ضمن خطة سداد طويلة الامد عند استحقاق أقساط هذه الديون.
إن اللجوء الى جملة من الاجراءات التقليدية ضمن خيارات محدودة قد يؤدي في المدى المتوسط الى المزيد من المشكلات وستكون لها اثار عكسية على النشاط الاقتصادي وزيادة الاستثمار الاجنبي المباشر وحث الاستثمار القائم على مواصلة نشاطه وعدم تسربه الى الخارج.
ونوه الرفاعي إلى أن زيادة الإيرادات لن تتأتى إلا من خلال تحسين المناخ الاستثماري وزيادة الاستثمار، أما زيادة الضرائب والرسوم فتساهم في تعميق الأزمة، وإن حماية الطبقة الوسطى وتدعيم مكانتها واستعادة دورها الريادي في الحياة العامة أمر في غاية الأهمية للحفاظ على استقرار الوطن وازدهاره، وأن واجب تنمية المحافظات وفق خطة وطنية شاملة لا يمكن أن يتأتى دون ترجمة واضحة في خطة الموازنة العامة وعلى أسس ومعايير قابلة للتنفيذ وضمن برامج زمنية محددة تتيح المساءلة والتقييم.
وقال آن الأوان للبدء في تنفيذ برنامج اللامركزية أو الحكم المحلي في المحافظات بحيث يكون لكل محافظة مجلس محلي منتخب، يشارك في صنع القرارات المتعلقة بتنمية المحافظة ويحدد أولويات المشاريع والانفاق عليها في المحافظة، ويراقب أداء الأجهزة الحكومية المحلية وسلامة تنفيذ المشاريع مؤكدا أن هذا التوجه سيكون له نتائج إيجابية ليس فقط في إشراك سكان كل محافظة في اتخاذ القرارات التنموية المتعلقة بمحافظتهم، ولكنه أيضا سيمكن مجلس النواب من التفرغ لدوره الدستوري في التشريع والرقابة والابتعاد عن قضايا الخدمات في المحافظات.
وبين الرفاعي أن هذا كله يحتاج إلى خطة عمل واضحة وإلى إصدار قوانين تنظم كل ما يتعلق باللامركزية وإلى تعديل العديد من القوانين النافذة وبالطبع يجب أن يتم كل ذلك قبل بحث قانون انتخاب جديد لمجلس النواب، وحسنا فعل دولة رئيس الوزراء عندما قرر مؤخرا عدم الاستعجال الحكومي بتقديم مشروع قانون انتخاب جديد في هذه المرحلة وآمل أن يكون ذلك بعد تبني مشروع اللامركزية وتنفيذه بالإضافة إلى قانون أحزاب برامجية جديد.
وأكد الرفاعي ضرورة تحديد أولويات المشاريع ضمن الموازنة العامة للدولة، للسنوات القادمة وبحيث تكون الأولوية القصوى للمشاريع التي توظف أكبر عدد ممكن من الأردنيين، وتكرس الشراكة الحقيقية المنهجية مع القطاع الخاص، من خلال الحوافز والمشاريع الرأسمالية والممولة من المنحة الخليجية لتأخذ هذه المنحة مكانها الأنسب في عملية اقتصادية منتجة تكفل خلق فرص عمل جديدة حقيقية ودائمة لاستيعاب الشباب وتوجيه طاقاتهم نحو الإبداع والتميز بدلا من استنزافها في مشاريع غير منتجة.
ودار خلال المحاضرة التي حضرها عدد الوزراء السابقين وأعضاء هيئة التدريس وحشد من طلبة الجامعة مداخلات حول قضايا محلية وارتباطها مع قضايا اقليمية وعالمية..