شمطاء وحمقاء .. !

قبل الدخول في موضوع هذه المقالة ، لا بد من تقديم بعض التوضيحات اللغوية الضرورية والتي تخص العنوان المدرج أعلاه ، وحتى يكون القارىء على بينة أولا فيما يخص المعنى والمقصود ، وحتى يتأكد مسبقا بأننا لا نقصد الإساءة الشخصية للإسم الذي سنتناوله في هذه السطور وذلك ثانيا ، فالتجريح ليس من طبعنا ، كما لا يعنينا طول وعرض من سنتحدث عنه ، وعلى هذا الأساس ، فإن الدافع الأول والأخير لهذه الكتابة ينحصر في الحرص الشديد على فلسطين كقضية وطنية ، وفي الدفاع عنها وعن ثوابتها ، وعلى الأخص حينما يتطاول بعض الأقزام المارقين على قداستها ، وعلى دماء وعذابات شعبها .

الشمطاء في اللغة ، هي جمع شُمط ، ومؤنث أشمط ، ولذلك نقول عجوزٌ شمطاء ، ونقصد بها تلك المرأة التي شاخت في عمرها واختلط سواد شعرها ببياضه ، أما الحمقاء فهي المؤنث من كلمة أحمق وتقال في حق من هي قليلةُ العقل ، والفاسدة في الرأي ، أو تلك التي تأتي بأعمال أو أقوال لا معنى لها ، ولذلك قال الشاعر في الحماقة : لكل داءٍ دواءٌ يُستطب به إلا الحماقةَ أعيت من يداويها فمن هي يا ترى هذه الشمطاء والحمقاء ؟ التي سوف نسلط عليها غضب وإستياء هذه الكلمات .

هذه السيدة الدكتورة هي الآن عضوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وتضطلع برئاسة دائرة الثقافة والإعلام فيها ، وحصلت على شهادة الدكتوراة من جامعة فرجينيا في الولايات المتحدة وذلك في أدب العصور الوسطى ، وغالبا ما يتم تقديمها عبر وسائل الإعلام على أنها ناشطة سياسية فلسطينية ، و كقائدة في الإنتفاضة الأولى ، وكان ينظر إليها على أنها واحدة من ألمع نساء فلسطين ، ولقد مثلت منظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1991 في محادثات " سلام " الشرق الأوسط التي انعقدت آنذاك في العاصمة الإسبانية مدريد .

كل هذه المواصفات وغيرها مما قد يصعب حصره وتعداده ، فتح لها الباب على مصراعيه لتصل إلى موقع المتحدث الرسمي باسم سلطة رام الله ، ومن ثم جاءتها الترقية الثانية ، فقفزت بجرة قلم إلى منصب رئيس البعثة الفلسطينية لمنظمة التحرير في العاصمة الأمريكية واشنطن ، ولأنها برعت في اللغة الإنجليزية بعد أن أمضت العديد من سنوات عمرها في بلاد " العم سام " فقد اشتهرت بكتابة الشعر الوطني وباللغة الإنجليزية ، الأمر الذي ساعد في إيصال معاناة شعبنا شعرا إلى العديد من دول وشعوب هذا العالم ، وهذا ما يجب أن نشكرها عليه .

لم يعد خافيا على القارىء الكريم على أننا نتحدث عن السيدة الدكتورة حنان عشراوي ، والتي لا تزال أيضا تواصل عملها المهني أيضا كأستاذة جامعية في جامعة بير زيت ، وللأسف ، فهي المقصودة بوصفنا لها بالشمطاء والحمقاء في عنوان هذه المقالة ، وذلك بعد أن قرأنا اليوم بيانها المنسوب إليها ، والمنشور على العديد من مواقع الصحافة الإلكترونية ومنها موقع وكالة " معا " الذي يرأس تحريره السيد ناصر اللحام ، بيانها الذي لا يبعث في النفس سوى الشعور بالغثيان والإشمئزاز ، أرادت له الدكتورة أن يكون متقدما على ما وصلت إليه المفاوضات العبثية وسلام الإستسلام بين الكيان الصهيوني وبين فريق التفاوض "الفلسطيني " والذي لا يزال يتربع على سدة رئاسته المفاوض العتيد صاحب نظرية – الحياة مفاوضات – الدكتور صائب عريقات زميل الدكتورة ، لكونه قد تتلمذ أيضا على أيدي ذات الجهابذة من مدرسين بلاد العم سام .

الدكتورة التي عودتنا على أن تملأ شاشات الفضائيات بالتصريحات الوطنية المعسولة تناشد في بيانها الرئيس محمود عباس بصفته رئيس للدولة ، ورئيس للسلطة ، وزعيم لحركة فتح ، ورئيس لمنظمة التحرير ولجنتها التنفيذية و التي تحتل الدكتورة مقعدا فيها بضرورة التجاوب مع دعوة رئيس الوزراء الصهيوني المجرم نتنياهو ، والتي طالبه فيها ودعاه لإلقاء خطاب في الكنسيت الصهيوني وذلك كبادرة حسن نية على أجواء التفاوض والسلام الكاذب والمزعوم ، الدكتورة وفي بيانها تقول : " لا مانع في أن يتوجه الرئيس عباس إلى الكنيست ويلقي خطابا على منبره ، إذا جاءت هذه الدعوة من نتنياهو على قاعدة الإعتراف بدولة فلسطينية تقوم على حدود الرابع من حزيران ، وعلى أساس الإعتراف بعباس رئيسا لهذه الدولة ، فرؤساء الدول فقط هم الذين يخاطبون البرلمان رسميا بجلسة مكتملة " .

أخيرا أخرجت الدكتورة بحصتها من حنجرتها عبر بيانها الهابط والسيئ ، وكشفت بما لا يقبل الشك أو اللبس عن موقعها ودورها المشبوه والأمين في ذات الوقت لرئيسها أبو مازن ، وللأساتذة الأعضاء في وكالة الإستخبارات الأمريكية من الذين تتلمذت على أيديهم في بلاد العم سام ، الدكتورة المخلصة أيضا لأدب العصور الوسطى الذي حَصلت على شهادة الدكتوراة فيه ، لا تجد حرجا ولا مانعا في أن يذهب الرئيس إلى منبر برلمان عدونا الصهيوني ليكون الثاني في الوقوف الخياني و الذليل على منصته بعد وقوف المقبور أنور السادات الراعي المخلص والأمين لإتفاقية إسطبل داود .

ماذا سيقول أبو مازن من على منبر المجرمين والقتلة ؟ لا شك في أن الدكتورة على أتم الإستعداد لجمع كل ما في أدب العصور الوسطى من مفردات لتكتب وتنمق لسيادته خطاب الإستسلام الذي ما بعده خطاب ما دامت تمتلك هذه القناعة وهذا الحماس ، وهذا بطبيعة الحال قد يفتح لها بابا واسعا على منصب نائب الرئيس الذي يتم بحثه في هذه الأوقات في اروقة اللجنة المركزية لحركة – فتح – ولم لا ، فكل شيء له ثمن في ميزان الساقطين والمارقين والمتاجرين بقضية شعبنا الصابر والصامد على أرض الوطن الفلسطيني .

من الطبيعي أن نلاحظ وخصوصا في الأوقات التي يتراجع وينخفض فيها الفعل الوطني المقاوم إتساعا كبيرا في حجم مزبلة التاريخ الوطني الفلسطيني ، فالطحالب والفطريات تنمو وتتكاثر بسرعة شديدة ، ولكن ، هل يتناسى أصحاب هذة الأصوات النشاز أقدام شعبنا ؟ وهل يتناسون قدرة هذه الأقدام على سحقهم ؟ ولذلك فليقول هؤلاء ما يحلو لهم من مفردات قاموس الذل والعار والإستسلام الذي يستندون عليه في رصف سطور بياناتهم الكريهة ، فالرهان على شعبنا لن يضعف ولن يخيب ويوم القصاص من كل هؤلاء المارقين ليس ببعيد ! د.امديرس القادري