رئيس الأوراغوي الزاهد!!

المحرر الطيب اجمل تحية أبعث بمقال جديد املا نشره مع وافر المحبة والتقدير رئيس الأوراغوي الزاهد !! بقلم محمد اكرم خصاونه تتكبد حكومات العالم مبالغ طائلة لتغطية مصاريف مؤسسة الرئاسة التي لا بد أن يكون لها وضعهاالمميز، وعادة ما يكون راتب الرئيس هو الأعلى في القطاع الحكومي، وذلك لأنه من يمثل البلاد في الخارج فهو صورتها وصوتها.

إن أغلب رؤساء العالم يولون اهتماما كبيرا لمظهرهم،وحراستهم ، وأرصدتهم في البنوك ، لكن رئيس الأوروغواي يشذ عن هذه القاعدة، باعتباره أفقر رؤساء العالم والذي جعل نفسه بهذا الوضع برغبته وإحتياره وليس غيره من فرضه عليه ، لزهده وعدم إكتراثه بالمال ، رغم قدرته على إمتلاكه ،وفي الوقت ذاته يعتبرأكثرهم كرما وسخاء وأحبهم عند شعبه .

خوسيه موخيكا من مواليد 20 مايو 1935، تولى سدة الحكم منذ مارس 2010 عن سن يناهز 75 عاما، وقد سبق أن عمل وزيراً للثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية ما بين الأعوام 2005 و2008 ، خوسيه موخيكا قبل انتخابه للرئاسة عام 2010 كان عضوا في جماعة «توباماروس» الثورية اليسارية المسلحة التي استلهمت فكرها من الثورة الكوبية. ويتلقى موخيكا راتباً شهريا قدره 12 ألف و500 دولار ولكنه يحتفظ لنفسه بنسبة 10 بالمئة فقط من راتبه ويتبرع بالباقي للجمعيات الخيرية في بلاده، وعن ذلك يقول أن المبلغ الذي يتركه لنفسه يكفيه ليعيش حياة كريمة بل ويجب أن يكفيه خاصة وأن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير.

لذلك حصل على اعتراف دولي وعلى لقب «أفقر رئيس في العالم وأكثرهم سخاءًا»، ويعيش رئيس الأوروغواي منذ توليه الرئاسة في شهر مارس 2010، في بيت ريفي بمزرعته ويرفض العيش في القصر الرئاسي، كما أنه لا ينتفع بالحراسة المشددة كبقية رؤساء العالم.!! وفي فصل الشتاء البارد ينشغل موخيكا بالتفكير في الفقراء من أبناء شعبه وخاصة المشردين الذين لا يجدون مساكن تؤويهم وتحميهم من المناخ البارد ، وقد عرض في شتاء العام الماضي على المصالح الاجتماعية في حكومته استعمال بعض أجنحة القصر الرئاسي المعروف باسم «كاسا سواريث إي رييس» في العاصمة مونتفديو لتوفير المأوى للمشردين في حالة عدم كفاية المراكز الموجودة في العاصمة.

وجاء قراره بعدما اطلع على جميع مراكز الإيواء ونسبة المشردين، وتبين له أن بعض المشردين سيبقون دون مأوى، ولا بد من الإشارة أن مثل هذه القرارات الصادرة عنه ليست من باب التودد ونيل الإعجاب من الرأي العام بل يبدو ذلك من طباعه ومن مبادئه التي يؤمن بها . زوجته هي لوسيا توبولانسكي، وهي عضو في مجلس الشيوخ، وتتبرع هي الأخرى بجزء من راتبها، وفي حديث صحفي معها تقول لوسيا عن زوجها: «موخيكا رجل ريفي مثقف ذو شخصية جمعت بين الحكمة والحلم، قلبه ظل يحافظ على خفة المراهقة الحالمة، ما جعل الأوروغوايين يطلقون عليه لقب «بيبي» أو «الختيار» أو «الجدّ من دون أحفاد»، هو صريح في كلامه.. وكلانا يعشق عالم الزهور والزراعة».

وتؤكد أنها مستعدة للتضحية مع زوج مثله، وأنه عليها أن تحضر بنفسها يوميا العشاء لزوجها لأنه يحب ذلك، وتضيف أن الجميع يعرفها في الأوروغواي، لأنها تنزل للتسوق بنفسها وتتجول بكل أريحية بين المتاجر ، دون حراسة وشرطة وسيارات ومواكب !!وحال ما ينتبه الناس لوجودها يصرون على التقاط الصور والحديث معها بكل بساطة ودون تكلف !!.

يشير مؤشر منظمة الشفافية العالمية أن معدل الفساد في الأوروغواي انخفض بشكل كبير خلال ولاية موخيكا، إذ يحتل هذا البلد الواقع في أميركا الجنوبية المرتبة الثانية في قائمة الدول الأقل فسادا في أميركا اللاتينية، ومن أشهر مقولات موخيكا في هذا المجال: ((أهم أمر في القيادة المثالية هو أن تبادر بالقيام بالفعل حتى يسهل على الآخرين تطبيقه)).

ولا يتبنى موخيكا أسلوبا شعبويا في سياسته لتلميع نفسه ، وإظهار محبته للغير ، بل يتصرف ويعيش ببساطة وهو قليل الظهور في وسائل الإعلام لذلك يوصف بالرئيس العملي الذي يصنف بالأكثر قربا من شعبه في العالم، وتطلق عليه الصحافة «أفقر رئيس في العالم أو رئيس الفقراء» بسبب تواضعه رغم رئاسته للبلاد، هذا بالتحديد ما يميزه عن جميع رجال السياسة في العالم، وفي مقابلة صحفية معه قال موخيكا بكل فخر: أن أغلى شيء يملكه هو سيارته «الفوكس فاغن بيتل» ذات الطراز القديم التي لا تتعدى قيمتها ألفي دولار!!

كما أنه لا يملك حسابات مصرفية ولا ديون، ويستمتع بوقته في مزرعته برفقة زوجته، وأن كل ما يتمناه عند انقضاء فترة حكمه هو مواصلة العيش بنفس النمط. اليس هذا الذي يقوم به من أخلاق المسلمين ؟ اليس ما يفعله من مظاهر الزهد التي تحلى بها الكثير من ممن كان لهم الولاية والحكم على دولة الإسلام كعمر بن عبد العزيز؟ إنه خوسيه موخيكا رئيس الأوراغوي في هذا الزمن الذي يفخر به حتى من لايمتلك المنصب في وطني بالثروة أكثر مما يمتلكه خوسيه موخيكا ، ولخوسيه موخيكا التحية . *** تم الإقباس من الشبكة العنكبوتية ليكتمل الموضوع